وأجاب الكرماني فقال: لعل الدخول والخروج في عام الفتح كان كلاهما من أعلاها، فأما في الحج فكان الخروج من أسفلها هذا إذا كان كدا أولاً بفتح الكاف، وأما إن كان الثاني بضمها فوجهه أن يقال: إن من أعلى مكة متعلق بدخل، ولفظ: وخرج من كدا حال مقدرة بينهما فلا يحتاج إلى التخصيص بغير عام الفتح اهـ.
والذي في الأصول المعتمدة ضبط الأوّل بالفتح والثاني بالضم ولا أعلم أنهما رويا بالفتح، والتوجيه الثاني الذي ذكره لا يخفى ما فيه من التكلف، والذي يظهر ما قاله الحافظ أبو الفضل بن حجر ﵀ أنه روي كذا مقلوبًا في رواية أبي أسامة، وأن الصواب ما رواه غيره دخل من كداء من أعلى مكة وأن الوهم فيه ممن دون أبي أسامة لأن أحمد رواه عن أبي أسامة على الصواب. المشهور أنه دخل من كداء بالفتح والمد وخرج من كدا بالضم والقصر. نعم وقع في رواية أبي داود أنه دخل عام الفتح من كداء بالفتح دخل في العمرة من كدا أي بالقصر.
وبه قال:(حدّثنا أحمد) يحتمل أن يكون هو ابن عيسى التستري المصري كما في أوائل الحج. وقال أبو علي بن السكن عن الفربري: هو في المواضع كلها أحمد بن صالح المصري، وكذا قال أبو عبد الله بن منده وليس هو ابن أخي ابن وهب لأن المؤلّف لم يخرج عنه شيئًا قال:(حدّثنا ابن وهب) عن عبد الله المصري قال: (أخبرنا عمرو) بفتح العين ابن الحرث المصري (عن هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة ﵂):
(أن النبي ﷺ دخل عام الفتح) مكة (من كداء) بفتح الكاف والمد والتنوين (أعلى مكة).
وبالإسناد السابق (قال هشام وكان عروة) أبوه (يدخل على) ولأبي ذر: من (كلتيهما). بكسر الكاف وسكون اللام والمثناة التحتية بينهما مثناة فوقية مفتوحة والضمير يرجع إلى الثنتين العليا والسفلى (من كداء) بالفتح والمد والتنوين (وكدى) بالضم والقصر والتنوين بيان لقوله: كلتيهما (وأكثر ما يدخل) عروة (من كداء)، بالفتح والمد، ولأبوي ذر والوقت كما في اليونينية كدى بضم الكاف والقصر مع التنوين. وقال الحافظ ابن حجر: إنه بالضم والقصر للجميع، وعزاه في المصابيح كالتنقيح للأصيلي والفتح والمد لغيره، وفي بعض النسخ: كدى بالضم والقصر من غير تنوين. (وكانت) أي الثنية العليا وفي فرع اليونينية وأصول معتمدة وكان (أقربهما) بالنصب خبر كان، وفي بعض النسخ أقرب أي أقرب الثنتين (إلى منزله) اعتذار لأبيه عروة على رواية الضم، لأنه روى