للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمروة في الأصل حجر أبيض براق (﴿من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه) فلا إثم عله (﴿أن يطوّف بهما﴾) [البقرة: ١٥٨] بشديد الطاء أصله يتطوّف فأبدلت التاء طاء لقرب مخرجهما وأدغمت الطاء في الطاء (فوالله ما على أحد جناح أن لا يطوّف) كذا في اليونينية (بالصفا والمروة) إذا مفهومها أن السعي ليس بواجب لأنها دلت على رفع الجناح وهو الإثم عن فاعله، وذلك يدل على إباحته، ولو كان واجبًا لما قيل فيه مثل هذا. فردت عليه عائشة حيث (قالت: بئسما قلت يا ابن أختي)، أسماء (إن هذه) الآية (لو كانت كما أولتها عليه) من الإباحة (كانت لا جناح عليه أن لا يتطوف بهما)، كذا بزيادة فوقية بعد التحتية وبزيادة لا بعد أن، وبه قرئ في الشاذ كما قالت عائشة فإنها كانت حينئذ تدل على رفع الإثم عن تاركه، وذلك حقيقة المباح فلم يكن في الآية نص على الوجوب ولا عدمه، ثم بينت عائشة أن الاقتصار في الآية على نفي الإثم له سبب خاص فقالت: (ولكنها) أي الآية (أنزلت في الأنصار)، الأوس والخزرج (كانوا قبل أن يسلموا يهلون) يحجون (لمناة الطاغية) بميم مفتوحة فنون مخففة مجرور بالفتحة للعلمية والتأنيث، وسميت مناة لأن النسائك كانت تمنى أي تراق عندها، وهي اسم صنم كان في الجاهلية والطاغية صفة إسلامية لمناة (التي كانوا يعبدونها عند المشلل) بميم مضمومة فشين معجمة مفتوحة فلامين الأولى مشددة مفتوحة ثنية مشرفة على قديد. زاد سفيان الزهري بالمشلل من قديد أخرجه مسلم وكان لغيرهم صنمان بالصفا إساف بكسر الهمزة وتخفيف السين المهملة وبالمروة نائلة بالنون والهمزة والمد، وقيل: إنهما كانا رجلاً وامرأة فزنيا داخل الكعبة فمسخهما الله حجرين فنصبا عند الكعبة، وقيل على الصفا والمروة ليعتبر الناس بهما ويتعظوا ثم حولهما قصي بن كلاب فجعل أحدهما ملاصق الكعبة والآخر لزمزم ونحر عندهما وأمر بعبادتهما، فلما فتح النبي مكة كسرهما (فكان من أهل) من الأنصار (يتحرج) أي يحترز من الإثم (أن يطوف بالصفا والمروة) كراهية لذينك الصنمين وحبهم صنمهم الذي بالمشلل، وكان ذلك سنة في آبائهم من أحرم لمناة لم يطف بين الصفا والمروة، (فلما أسلموا) أي الأنصار (سألوا رسول الله عن ذلك) أي عن الطواف بهما وسقط لأبي ذر لفظ أسلموا (قالوا: يا رسول الله إنا كنا نتحرج أن نطوف بين الصفا والمروة)، ولأبي ذر: بالصفا والروة (فأنزل الله تعالى ﴿إن الصفا والمروة من شعائر الله﴾ [البقرة: ١٥٨] إلى آخرها). فقد تبين أن الحكمة في التعبير بذلك في الآية مطابقة جواب السائلين لأنهم توهموا من كونهم كانوا يفعلون ذلك في الجاهلية أنه يستمر في الإسلام، فخرج الجواب مطابقًا لسؤالهم. وأما الوجوب فيستفاد من دليل آخر وقد يكون الفعل واجبًا ويعتقد المعتقد أنه منع من إيقاعه على صفة مخصوصة كمن عليه صلاة ظهر مثلاً فظن أنه لا يجوز فعلها عند الغروب فسأل فقيل في جوابه: لا جناح عليك إن صليتها في هذا الوقت. فالجواب صحيح ولا يستلزم ذلك الوجوب ولا يلزم من نفي الإثم عن الفاعل نفي الإثم عن التارك. فلو كان المراد مطلق الإباحة لنفي الإثم عن التارك.

(قالت عائشة وقد سن) أي فرض (رسول الله الطواف بينهما) أي بين

<<  <  ج: ص:  >  >>