ذكر خمسة. وأجيب بزيادة الخامسة وهي أداء الخمس لأنهم كانوا مجاورين لكفّار مضر وكانوا أهل جهاد وغنائم. وتعقب بأن المؤلف عقد الباب على أن أداء الخمس من الإيمان فلا بد أن يكون داخلاً تحت أجزاء الإيمان، كما أن ظاهر العطف يقتضي ذلك أو أنه عدَّ الصلاة والزكاة واحدة لأنها قرينتها في كتاب الله تعالى، أو أن أداء الخمس داخل في عموم إيتاء الزكاة والجامع بينهما إخراج مال معين في حال دون حال.
وعن البيضاوي أن الخمسة تفسير للإيمان وهو أحد الأربعة المأمور بها والثلاثة الباقية حذفها الراوي نسيانًا أو اختصارًا أو أن الأربعة إقام الصلاة إلى آخره وذكر الشهادتين تبركًا بهما كما في قوله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ﴾ [الأنفال: ٤١]. لأن القوم كانوا مؤمنين، ولكن كانوا ربما يظنون أن الإيمان مقصور على الشهادتين كما كان الأمر في صدر الإسلام، وعورض بأنه في رواية حماد بن زيد عن أى جمرة عند المؤلف في المغازي آمركم بأربع: الإيمان بالله شهادة أن لا إله إلاّ الله وعقد واحدة وهو يدل على أن الشهادة إحدى الأربع وعنده في الزكاة من هذا الوجه الإيمان بالله ثم فسّرها لهم بشهادة أن لا إله إلاّ الله وهو يدل أيضًا على عدّها في الأربع لأنه أعاد الضمير في قوله فسرها مؤنثًا فيعود على الأربع ولو أراد تفسير الإيمان لأعاده مذكرًا وأجيب بزيادة أداء الخمس.
قال أبو عبد الله الآبي: وأتم جواب في المسألهَ ما ذكره ابن الصلاح من أنه معطوف على أربع أي أمرهم بأربع وبإعطاء الخمس وإنما كان أتم لأن به تتفق الطريقان ويرتفع الإشكال انتهى. ولم يذكر الحج لكونهم سألوه أن يخبرهم بما يدخلون بفعله الجنة فاقتصر لهم على ما يمكنهم فعله في الحال ولم يقصد إعلامهم بجميع الأحكام التي تجب عليهم فعلاً وتركًا. ويدل على ذلك اقتصاره في الناهي على الانتباذ في الأوعية مع أن في الناهي ما هو أشد في التحريم من الانتباذ، لكن اقتصر عليها لكثرة تعاطيهم لها أو لأنه لم يفرض كما قاله عياض إلا في سنة تسع ووفاتهم في سنة ثمان أي على أحد الأقوال في وقت فرضه، ولكن الأرجح أنه فرض سنة ست كما سيأتي -إن شاء الله تعالى- أو لكونه لم يكن لهم سبيل إليه من أجل كفّار مضر، أو لكونه على التراخي، أو لشهرته عندهم، أو أنه أخبرهم ببعض الأوامر.
ثم عطف المؤلف على قوله: وأمرهم قوله: (ونهاهم عن أربع عن الحنتم) أي عن الانتباذ فيه وهو بفتح المهملة وسكون النون وفتح المثناة الفوقية وهي الجرة أو الجرار الخضر أو الحمر أعناقها على جنوبها أو متخذة من طين وشعر ودم، أو الحنتم ما طلي من الفخار بالحنتم المعمول بالزجاج وغيره وسقطت عن الثانية لكريمة (و) عن الانتباذ في (الدباء) بضم المهملة وتشديد الموحدة والمد اليقطين (و) عن الانتباذ في (النقير) بفتح النون وكسر القاف، وهو ما ينقر في أصل النخلة فيوعى فيه (و) عن الانتباذ في (المزفت) بالزاي والفاء ما طلي بالزفت (وربما قال المقير) بالقاف والمثناة التحتية المشدّدة المفتوحة وهو ما طلي بالقار ويقال له القير، وهو نبت يحرق إذا يبس تطلى به السفن وغيرها