وبالسند قال:(حدّثنا آدم) بن أبي أياس عبد الرحمن قال: (حدّثنا ابن أبي ذئب) هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب المدني (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (عن سالم بن عبد الله) بن عمر (عن ابن عمر ﵄ قال):
(جمع النبي ﷺ بين المغرب والعشاء بجمع) بسكون الميم بعد فتح الجيم أي المزدلفة وسقط لأبي ذر لفظة بين فقوله المغرب نصب على المفعولية والعشاء عطف عليه (كل واحدة منهما) من العشاءين (بإقامة ولم يسبح) أي لم يتنفل (بينهما ولا على إثر كل واحدة منهما) بكسر الهمزة وسكون المثلثة من أثر بمعنى أثر بفتحتين أي عقبها أي لم يصل بعد كل واحدة منهما، وليس المراد أنه لم يتنفل لا بينهما ولا بعدهما لأن المنفي التعقيب لا المهلة، وحينئذ فلا ينافي قولهم باستحباب تأخير سنة العشاءين عنهما، ومذهب الشافعية: أنه إذا جمع بين الظهر والعصر قدّم سنة الظهر التي قبلها وله تأخيرها سواء جمع تقديمًا أو تأخيرًا، وتوسيطها إن جمع تأخيرًا سواء قدم الظهر أو العصر وأخر سنتها التي بعدها، وله توسيطها إن جمع تأخيرًا وقدم الظهر وأخر عنهما سنة العصر، وله توسيطها وتقديمها إن جمع تأخيرًا سواء قدم الظهر أم العصر وإذا جمع بين المغرب والعشاء أخر سنتهما، وله توسيط سنة المغرب إن جمع تأخيرًا وقدم المغرب، وتوسيط سنة العشاء إن جمع تأخيرًا وقدم العشاء وما سوى ذلك ممنوع، وهذا كله بناء على أن الترتيب والولاء شرطان في جمع التقديم دون جمع التأخير، والأولى من ذلك تقديم سنة الظهر أو المغرب القدمة وتأخير ما سواها على كل تقدير.
وبه قال:(حدّثنا خالد بن مخلد) بفتح الميم وسكون الخاء البجلي قال: (حدّثنا سليمان بن بلال) هو سليمان بن أيوب بن بلال القرشي قال: (حدّثنا يحيى بن سعيد) الأنصاري (قال: أخبرني) بالإفراد (عدي بن ثابت) هو عدي بن أبان بن ثابت الأنصاري (قال: حدثني) بالإفراد (عبد الله بن يزيد الخطمي) بفتح الخاء المعجمة وسكون الطاء المهملة نسبة إلى خطمة فخذ من الأوس ويزيد من الزيادة (قال: حدثني) بالإفراد (أبو أيوب) خالد (الأنصاري)﵁.
(أن رسول الله ﷺ جمع في حجة الوداع المغرب والعشاء بالمزدلفة) أي: ولم يصل بينهما تطوّعًا، وقد سبق قريبًا أنه يسنّ التطوّع على التفصيل السابق. نعم لا يسنّ التنفل المطلق لا بين الصلاتين ولا على أثرهما لئلا ينقطع عن المناسك. وهذا الحديث أخرجه المؤلّف في المغازي ومسلم في المناسك والنسائي في الصلاة وابن ماجة في الحج.