وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن نافع عن عبد الله بن عمر ﵄: أن رسول الله ﷺ قال) في حجة الوداع أو في الحديبية أو في الموضعين جمعًا بين الأحاديث:
(اللهم ارحم المحلقين)(قالوا) أي الصحابة: قال الحافظ ابن حجر ولم أقف في شيء من الطرق على الذين تولوا السؤال في ذلك بعد البحث الشديد اهـ.
وفي رواية ابن سعد في الطبقات في غزوة الحديبية كما سيأتي إن شاء الله تعالى قريبًا أن عثمان وأبا قتادة هما اللذان قصرا ولم يحلقا في عام الحديبية. قال شيخ الإسلام الجلال بن البلقيني: فيحتمل أن يكونا هما اللذان قالا: (والمقصرين) أي: قل وارحم المقصرين (يا رسول الله قال): ﷺ(اللهم ارحم المحلقين)(قالوا) قل (و) ارحم (المقصرين يا رسول الله قال): (و) ارحم (المقصرين) بالنصب فالعطف على محذوف ومثله يسمى التلقيني كقوله تعالى: (﴿إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي﴾ [البقرة: ١٢٤] قال الزمخشري في كشافه: ومن ذريتي عطف على الكاف كأنه قال: وجاعل بعض ذريتي كما يقال: سأكرمك فتقول وزيدًا اهـ.
وتعقبه أبو حيان فقال: لا يصح العطف على الكاف. لأنها مجرورة فالعطف عليها لا يكون إلا بإعادة الجار ولم يعدو لأن من لا يمكن تقدير الجار مضافًا إليها لأنها حرف فتقديرها بأنها مرادفة لبعض حتى يقدّر جاعل مضافًا إليها لا يصح، ولا يصح أن يكون تقدير العطف من باب العطف على موضع الكاف لأنه نصب فيجعل من في موضع نصب لأن هذا ليس مما يعطف فيه على الموضع على مذهب سيبويه لفوات المجوّز وليس نظير سأكرمك فتفول وزيدًا لأن الكاف هنا في موضع نصب، والذي يقتضيه المعنى أن يكون (ومن ذريتي) متعلقًا بمحذوف التقدير واجعل من ذريتي إمامًا لأن إبراهيم فهم من قوله (إني جاعلك للناس إمامًا) الاختصاص فسأل الله أن يجعل من ذريته إمامًا اهـ.
(وقال الليث) بن سعد الإمام (حدثني) بالإفراد (نافع) مولى ابن عمر مما وصله مسلم (رحم الله المحلقين مرة أو مرتين) شك الليث إذ الأكثرون على وفاق ما رواه مالك، لأن في معظم الروايات عنه إعادة الدعاء للمحلقين مرتين وعطف المقصرين عليه في الثالثة، وانفرد يحيى بن بكير دون رواة الموطأ بإعادة ذلك ثلاثًا كما نبه عليه أبو عمر في التقصي ولم ينبه عليه في التمهيد. (قال: