وبالسند قال:(حدّثنا إسماعيل بن عبد الله) بن أبي أويس (قال: حدثني) بالإفراد (أخي) عبد الحميد بن عبد الله (عن سليمان) بن بلال (عن يونس بن يزيد) الأيلي (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن سالم بن عبد الله) بن عمر بن الخطاب (أن) أباه (عبد الله بن عمر ﵄ كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات يكبر) ولأبي الوقت: ثم يكبر (على إثر كل حصاة) منها بكسر الهمزة وسكون المثلثة أي عقبها (ثم يتقدم) عن الجمرة (فيسهل)، بضم الياء وكسر الهاء بعد سكون السين ينزل السهل من الأرض وهو المكان المصطحب الذي لا ارتفاع فيه (فيقوم) حال كونه (مستقبل القبلة قيامًا طويلاً، فيدعو) مع حضور قلبه وخشوع جوارحه قدر سورة البقرة (ويرفع يديه). في الدعاء كغيره.
قال أبو موسى الأشعري: كما عند البخاري دعا النبي ﷺ ثم رفع يديه حتى رأيت بياض إبطيه، وعنده أيضًا من حديث ابن عمر: رفع في يديه فقال: "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد" لكن في حديث أنس لم يكن النبي ﷺ يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء وهو حديث صحيح ويجمع بينه وبين ما سبق أن الرفع في الاستسقاء يخالف غيره بالمبالغة إلى أن تصير اليدان في حذو الوجه مثلاً وفي الدعاء إلى حذو المنكبين، ولا يعكر على ذلك أنه ثبت في كل منهما حتى يرى بياض إبطيه بل يجمع بأن يكون رؤية البياض في الاستسقاء أبلغ منها في غيره.
وأما ما روي عن مالك من ترك رفع اليدين عند الدعاء بعد رمي الجمار فقال ابن قدامة وابن المنذر: إنه شيء تفرد به، وتعقبه ابن المنير بأن الرفع هنا لو كان سنة ثابتة ما خفي عن أهل المدينة.
وأجيب: بأن الراوي لذلك ابن عمر وهو أعلم أهل المدينة من الصحابة في زمنه وابنه سالم أحد الفقهاء السبعة من أهل المدينة والراوي عنه ابن شهاب عالم المدينة ثم الشام. وقال ابن فرحون من المالكية في مناسكه وفي رفع يديه في الدعاء قولان. قال ابن حبيب: وإذا دعا راغبًا بسط يديه فجعل بطونهما إلى السماء، وإذا دعا راهبًا جعل بطونهما مما يلي الأرض وذلك في كل دعاء، (ثم يرمي الجمرة الوسطى كذلك فيأخذ ذات الشمال فيسهل ويقوم) حال كونه (مستقبل القبلة قيامًا طويلاً فيدعو ويرفع يديه) عند دعائه (ثم يرمي الجمرة ذات العقبة من بطن الرادي ولا يقف عندها)، للدعاء (ويقول): أي ابن عمر: (هكذا رأيت رسول الله) ولأبي ذر: رأيت النبي (ﷺ يفعل). بحذف ضمير المفعول الثابت في رواية الباب السابق.