﴿رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾ [البقرة: ١٩٦] قال: فلم أسمع ممن حفظت عنه من أهل العلم بالتفسير مخالفًا في أن الآية نزلت بالحديبية حين أحصر النبي ﷺ فحال المشركون بينه وبين البيت، وأن النبي ﷺ نحر بالحديبية وحلق ورجع حلالاً ولم يصل إلى البيت ولا أصحابه إلا عثمان بن عفان وحده، ثم قال: ونحر رسول الله ﷺ في الحل، وقيل نحر في الحرم قال الشافعي: وإنما ذهبنا إلى أنه نحر في الحل وبعض الحديبية في الحل وبعضها في الحرم لأن الله تعالى يقول: ﴿وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ﴾ [الفتح: ٢٥] والحرم كله محله عند أهل العلم.
قال الشافعي: فحيثما أحصر ذبح شاة وحل قال الشافعي: فيمن أحصر بعدوّ لا قضاء عليه فإن كان لم يحج حجة الإسلام فعليه حجة الإسلام من قبل قول الله تعالى: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ ولم يذكر قضاء قال الشافعي: والذي أعقل من أخبار أهل المغازي شبيه بما ذكرت من ظاهر الآية، وذلك أنا قد علمنا في متواطئ أحاديثهم أنه قد كان مع رسول الله ﷺ عام الحديبية رجال معروفون بأسمائهم، ثم اعتمر رسول الله ﷺ عمرة القضية وتخلف بعضهم بالمدينة من غير ضرورة في نفس ولا مال علمته، ولو لزمهم القضاء لأمر رسول الله ﷺ إن شاء الله بأن لا يتخلفوا عنه.
وبالسند قال:(حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: (حدثني) بالإفراد (مالك) الإمام (عن نافع أن عبد الله بن عمر ﵄ قال: حين خرج) أي حين أراد أن يخرج (إلى مكة معتمرًا في الفتنة) حين نزول الحجاج لقتال ابن الزبير (إن صددت) أي منعت (عن البيت صنعنا كما صنعنا مع رسول الله ﷺ فأهلّ) أي فرفع ابن عمر صوته بالإهلال (بعمرة) من ذي الحليفة أو من المدينهّ وأظهرها بذي الحليفة (من أجل أن النبي ﷺ كان أهلّ بعمرة عام الحديبية ثم إن عبد الله بن عمر نظر في أمره فقال: ما أمرهما) أي الحج والعمرة في جواز التحلل منهما بالإحصار (إلا واحد فالتفت إلى أصحابه فقال: ما أمرهما إلا واحد أشهدكم أني قد أوجبت الحج مع العمرة ثم طاف لهما طوافًا واحدًا ورأى أن ذلك مجزيًا عنه وأهدى) بضم الميم وسكون الجيم وكسر الزاي بغير همزة في اليونينية