وصله أحمد والحاكم مرفوعًا (في) ذكر (النقاب) وهو الخمار الذي تشدّه المرأة على الأنف أو تحت المحاجر، فإن قرب من العين حتى لا تبدو أجفانها فهو الوصواص بفتح الواو وسكون الصاد المهملة الأولى، فإن نزل إلى طرف الأنف فهو اللفام بكسر اللام وبالفاء، فإن نزل إلى الفم ولم يكن على الأرنبة منه شيء فهو اللثام بالمثلثة (والقفازين) وظاهره اختصاص ذلك بالمرأة، ولكن الرجل في القفاز مثلها لكونه في معنى الخف فإن كلاًّ منهما محيط بجزء من البدن، وأما النقاب فلا يحرم على الرجل من جهة الإحرام لأنه لا يحرم عليه تغطية وجهه.
(وقال عبيد الله) بضم العين وفتح الموحدة مصغر ابن عمر العمري مما وصله إسحاق بن راهويه في مسنده وابن خزيمة (ولا ورس) فوافق الأربعة المذكورين في رواية الحديث المذكور عن نافع حيث جعل الحديث إلى قوله ولا ورس مرفوعًا، ثم خالفهم ففصل بقية الحديث فجعله من قول ابن عمر أدرجه في الحديث فقال:(وكان يقول: لا تتنقب المحرمة ولا تلبس القفازين) بالجزم على النهي في تتنقب وتلبس والكسر لالتقاء الساكنين ويجوز رفعهما على الخبر كما مر وتتنقب بمثناتين فوقيتين من التفعل.
(وقال مالك) الإمام الأعظم مما هو في موطئه (عن نافع عن ابن عمر)﵄: (لا تتنقب المحرمة).
(وتابعه) أي تابع مالكًا (ليث بن أبي سليم) بضم المهملة وفتح اللام ابن زنيم القرشي الكوفي في وقفه وفيه تقوية لعبيد الله العمري وظهر الإدراج في رواية غيره.
وقد استشكل ابن دقيق العيد الحكم بالإدراج في هذا الحديث لورود النهي عن النقاب والقفاز مفردًا وللابتداء بالنهي عنهما في رواية ابن إسحاق المرفوعة المذكورة فيما سبق من رواية أحمد وأبي داود والحاكم وقال في الاقتراح دعوى الإدراج في أول المتن ضعيفة.
وأجيب: بأن الثقات إذا اختلفوا وكان مع أحدهم زيادة قدّمت ولا سيما إن كان حافظًا خصوصًا إن كان أحفظ والأمر هنا كذلك فإن عبيد الله بن عمر في نافع أحفظ من جميع من خالفه وقد فصل الموضوع من الموقوف، وأما الذي ابتدأ في المرفوع بالموقوف فإنه من التصرف في الرواية بالمعنى فكأنه رأى أشياء متعاطفة فقدم وأخر لجواز ذلك عنده ومع الذي فصل زيادة علم فهو أولى قاله في فتح الباري ونحوه في شرح الترمذي للحافظ زين الدين العراقي.