جابر بن زيد عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول "إذا لم يجد إزارًا فليلبس السراويل وإذا لم يجد النعلين فليلبس الخفين وقطعهما أسفل من الكعبين"، وهذا إسناد صحيح، وإسماعيل بن مسعود وثقه أبو حاتم وغيره والزيادة من الثقة مقبولة على الصحيح.
وأما احتجاج أحمد بأن حديث ابن عباس ناسخ لحديث ابن عمر المصرح بقطعهما. فلو سلمنا تأخر حديث ابن عباس وخلوّه عن الأمر بقطع الخفين لا يلزم منه الحكم بالنسخ مع إمكان الجمع وحمل المطلق على المقيد متعين، وقد قال ابن قدامة الحنبلي: الأولى قطعهما عملاً بالحديث الصحيح وخروجًا من الخلاف اهـ.
وقد سبق أنه روي عن أحمد أنه قال: إن لم يقطع إلى دون الكعبين فعليه الفدية.
(ومن لم يجد إزارًا) هو ما يشد في الوسط (فليلبس سراويل) ولأبي ذر: السراويل بالتعريف (للمحرم) بلام البيان كهي في نحو هيت لك وسقيا لك أي هذا الحكم للمحرم، ولأبي الوقت عن الكشميهني: المحرم بالألف بدل اللام والرفع فاعل فليلبس وسراويل مفعول.
وبه قال:(حدّثنا أحمد بن يونس) هو أحمد بن عبد الله بن يونس التميمي اليربوعي الكوفي قال: (حدّثنا إبراهيم بن سعد) بسكون العين الزهري القرشي المدني كان على قضاء بغداد قال: (حدّثنا ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن سالم عن أبيه عبد الله) بن عمر (﵁) وعن أبيه أنه قال: (سئل رسول الله ﷺ) بضم سين سئل مبنيًّا للمفعول ولم يسم السائل (ما يلبس المحرم من الثياب؟ فقال): ﷺ مجيبًا له بما لا يلبس لأنه محصور بخلاف ما يلبس إذ الأصل الإباحة وفيه تنبيه على أنه كان ينبغي السؤال عما لا يلبس، وأن المعتبر في الجواب ما يحصل المقصود وإن لم يطابق السؤال صريحًا فقال:
(لا يلبس القميص) بالإفراد، ولأبي ذر عن الكشميهني: القمص (ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرنس) بالإفراد في الثالث وهو بضم الموحدة والنون (ولا) يلبس (ثوبًا مسه زعفران) مفرد زعافر كترجمان وتراجم (ولا ورس) بفتح الواو وسكون الراء آخره سين مهملة نبت يصبغ به أصفر ومنه الثياب الورسية أي المصبوغة به، وقيل إن الكركم عروقه وليس ذكرهما للتقييد بل لأنهما الغالب فيما يصبغ للزينة والترفه فيلحق بهما ما في معناهما واختلف في ذلك المعنى فقيل لأنه طيب فيحرم كل طيب، وبه قال: الجمهور. وقيل: مطلق الصبغ. نعم يكره تنزيهًا المصبوغ ولو