أحد والوحش من الأرض الخلاء وقد يكون وحشًا بمعنى وحوش، وأصل الوحش كل شيء توحش من الحيوان وجمعه وحوش وقد يعبر بواحده عن جمعه، وحينئذٍ فالضمير للمدينة. وعن ابن المرابط: أنه للغنم أي انقلبت الغنم وحوشًا والقدرة صالحة أو المعنى أن الغنم صارت متوحشة تنفر من أصوات الرعاة وأنكره القاضي وصوّب النووي الأول.
(حتى إذا بلغا) أي الراعيان (ثنية الوداع) التي كان يشيع إليها ويودّع عندها وهي من جهة الشأم (خرًا) بفتح المعجمة وتشديد الراء أي سقطا (على وجوههما) ميتين ثم إن قوله: وآخر من يحشر الخ يحتمل أن يكون حديثًا آخر غير الأوّل لا تعلق له به وأن يكون من بقيته وعليهما يترتب الاختلاف السابق عن عياض والنووي والله أعلم.
وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير (عن) أخيه (عبد الله بن الزبير) بن العوام (عن سفيان بن أبي زهير) بضم الزاي وفتح الهاء مصغرًا الأزدي من أزد شنوأة بفتح المعجمة وضم النون وبعد الواو همزة النمري ويلقب بابن القرد بفتح القاف وكسر الراء وبعدها دال مهملة صحابي يعدّ في أهل المدينة (﵁ أنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول):
(تفتح اليمن) بضم الفوقية وسكون الفاء وفتح الفوقية مبنيًا للمفعول واليمن رفع نائب فاعل وسمي اليمن لأنه عن يمين القبلة أو عن يمين الشمس أو بيمن بن قحطان (فيأتي قوم) من الذين حضروا فتحها وأعجبهم حسنها ورخاؤها (يبسون) بفتح المثناة التحتية وكسر الموحدة وتشديد المهملة ثلاثيًا. وعن ابن القاسم بضم الموحدة فهو من باب ضرب يضرب، ومن باب نصر ينصر وبضم التحتية مع كسر الموحدة أيضًا من الثلاثي المزيد أي يسوقون دوابهم إلى المدينة سوقًا لينًا (فيتحملون)، منها أي المدينة (بأهليهم ومن أطاعهم) من الناس راحلين إلى اليمن (والمدينة خير لهم) منها لأنها حرم الرسول ﷺ وجواره مهبط الوحي ومنول البركات (لو كانوا يعلمون) بما فيها من الفضانل كالصلاة في مسجدها وثواب الإقامة فيها وغير ذلك من الفوائد الدنيوية والأخروية التي يستحقر دونها ما يجدونه من الحظوظ الفانية العاجلة بسبب الإقامة في غيرها ما ارتحلوا منها.