للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ أَقِلْنِي، فَأَبَى -ثَلَاثَ مِرَارٍ- فَقَالَ: الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا، وَيَنْصَعُ طَيِّبُهَا".

[الحديث ١٨٨٣ - أطرافه في: ٧٢٠٩، ٧٢١١، ٧٢١٦، ٧٣٢٢].

وبالسند قال: (حدّثنا عمرو بن عباس) بفتح العين وسكون الميم وعباس بالموحدة وبعد الألف مهملة الباهلي البصري أو هو الأهوازي قال: (حدّثنا عبد الرحمن) بن مهدي قال: (حدّثنا سفيان) الثوري (عن محمد بن المنكدر عن جابر) السلمي بفتح السين المهملة واللام () أنه (قال: جاء أعرابي إلى النبي ) قال الحافظ ابن حجر: لم أقف على اسمه إلا أن الزمخشري ذكر في ربيع الأبرار أنه قيس بن أبي حازم وهو مشكل لأنه تابعي كبير مشهور صرحوا بأنه هاجر فوجد النبي قد مات، فإن كان محفوظًا فلعله آخر وافق اسمه واسم أبيه، وفي الذيل لأبي موسى في الصحابة قيس بن حازم المنقري فيحتمل أن يكون هو هذا. (فبايعه على الإسلام فجاء من الغد) حال كونه (محمومًا فقال): للنبي (أقلني) قال عياض من المبايعة على الإسلام، وقال غيره إنما استقالته على الهجرة ولم يرد الارتداد عن الإسلام. قال ابن بطال بدليل أنه لم يرد حل ما عقده إلا بموافقة النبي على ذلك، ولو أراد الردة ووقع فيها لقتله إذ ذاك، وحمله بعضهم على الإقالة من المقام بالمدينة (فأبى) النبي- أن يقيله (ثلاث مرار) تنازعه الفعلان قبله وهما قوله فقال، وقوله فأبى أي قال ذلك ثلاث مرات وهو- يأبى من إقالته وإنما لم يقله بيعته لأنها إن كانت بعد الفتح فهي على الإسلام فلم يقله إذ لا يحل الرجوع إلى الكفر وإن كانت قبله فهي على الهجرة والمقام معه بالمدينة ولا يحل للمهاجر أن يرجع إلى وطنه، (فقال): :

(المدينة كالكير) بكسر الكاف المنفخ الذي تنفخ به النار أو الموضع المشتمل عليها (تنفي خبثها) بمعجمة فموحدة مفتوحتين ومثلثة ما تبرزه النار من الوسخ والقذر (وينصع طيبها) بفتح الطاء وتشديد التحتية وبالرفع فاعل ينصع وهو بفتح التحتية وسكون النون وفتح الصاد المهملة آخره عين مهملة من النصوع وهو الخلوص، ولأبي ذر عن المحموي والمستملي: وتنصع بالمثناة الفوقية أي المدينة طيبها بكسر الطاء وسكون التحتية منصوب على المفعولية كذا في اليونينية والرواية الأولى في طيبها.

قال أبو عبد الله الأبي: هي الصحيحة وهي أقوم معنى وأي مناسبة بين الكير والطيب اهـ.

وهذا تشبيه حسن لأن الكير بشدة نفخه ينفي عن النار السخام والدخان والرماد حتى لا يبقى إلا خالص الجمر، وهذا إن أريد بالكير المنفخ الذي ينفخ به النار، وإن أريد به الموضع فيكون المعنى إن ذلك الموضع لشدة حرارته ينزع خبث الحديد والفضة والذهب ويخرج خلاصة ذلك والمدينة كذلك تنفي شرار الناس بالحمى والوصب وشدة العيش وضيق الحال التي تخلص النفس من الاسترسال في الشهوات وتطهر خيارهم وتزكيهم، وليس الوصف عامًا لها في جميع الأزمنة بل هو خاص بزمن النبي لأنه لم يكن يخرج عنها رغبة في عدم الإقامة معه إلا من لا خير فيه، وقد خرج منها بعده جماعة من خيار الصحابة وقطنوا غيرها وماتوا خارجًا عنها. كابن مسعود، وأبي

<<  <  ج: ص:  >  >>