على أن المدينة أفضل من مكة لأنه أثبت أن الأرض التي بين البيت والمنبر من الجنة، وقد قال في الحديث الآخر: "لقاب قوس أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها".
وأجيب: بأن قوله من الجنة مجاز ولو كانت من الجنة حقيقة لكانت كما وصف الله الجنة بقوله تعالى: ﴿إن لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى﴾ [طه: ١١٨] سلمنا أنه على الحقيقة، لكن لا نسلم أن الفضل لغير تلك البقعة.
وهذا الحديث قد سبق في آخر كتاب الصلاة في باب فضل ما بين القبر والمنبر.
١٨٨٩ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمَدِينَةَ وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الْحُمَّى يَقُولُ:
كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ … وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ
وَكَانَ بِلَالٌ إِذَا أُقْلِعَ عَنْهُ الْحُمَّى يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ يَقُولُ:
أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً … بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ
وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مَجَنَّةٍ … وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ
قَالَ: اللَّهُمَّ الْعَنْ شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ، كَمَا أَخْرَجُونَا مِنْ أَرْضِنَا إِلَى أَرْضِ الْوَبَاءِ. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ. اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَفِي مُدِّنَا، وَصَحِّحْهَا لَنَا، وَانْقُلْ حُمَّاهَا إِلَى الْجُحْفَةِ. قَالَتْ: وَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَهْيَ أَوْبَأُ أَرْضِ اللَّهِ، قَالَتْ: فَكَانَ بُطْحَانُ يَجْرِي نَجْلاً. تَعْنِي مَاءً آجِنًا".
[الحديث ١٨٨٩ - أطرافه في: ٣٩٢٦، ٥٦٥٤، ٥٦٧٧، ٦٣٧٢].
وبه قال: (حدّثنا عبيد بن إسماعيل) بضم العين واسمه في الأصل عبد الله القرشي الكوفي الهباري قال: (حدّثنا أبو أسامة) بضم الهمزة حماد بن أسامة (عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوام (عن عائشة ﵂ قالت: لما قدم رسول الله ﷺ المدينة) يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول كما جزم به النووي في كتاب السير من الروضة (وعك) بضم الواو وكسر العين المهملة أي حمّ (أبو بكر) الصديق (وبلال) ﵄ (فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول):
(كل امرئ مصبح) بضم الميم وفتح الصاد المهملة والموحدة المشددة أي يقال له أنعم صباحًا أو يسقي صبوحه وهو شرب الغداة (في أهله).