وبالسند قال:(حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن أبي إسحاق) سلمان بن أبي سليمان فيروز (الشيباني) أنه (سمع ابن أبي أوفى) عبد الله (﵁ قال: كنا مع رسول الله ﷺ) ولابن عساكر مع النبي (ﷺ) أي وهو صائم (في سفر)، في شهر رمضان كما في مسلم في غزوة الفتح لا في بدر لأن ابن أبي أوفى لم يشهدها (فقال لرجل): هو بلال كما في رواية أبي داود وابن بشكوال، ولمسلم فلما غابت الشمس وللبخاري فلما غربت الشمس قال:(أنزل فاجدح لي)، بهمزة وصل بعد الفاء وسكون الجيم وفتح الدال وبعدها حاء مهملتين أمر من الجدح وهو الخلط أي اخلط السويق بالماء أو اللبن بالماء وحركه لأفطر عليه وقول الداودي أن معناه أحلب ردّه عياض (قال): بلال (يا رسول الله الشمس)، باقية أي نورها أو الشمس رفع خبر مبتدأ محذوف أي هذه الشمس، ولغير أبي ذر: الشمس بالنصب أي انظر الشمس ظن أن بقاء النور وإن غاب القرص مانع من الإفطار (قال)﵊.
(أنزل فاجدح لي)، لأفطر قال بلال (يا رسول الله الشمس) بالرفع والنصب (قال): ﵊(انزل فاجدح لي)(فنزل فجدح له)﵊(فشرب)، وكرر انزل فاجدح لي ثلاث مرات وتكرير المراجعة من بلال للرسول ﷺ لغلبة اعتقاده أن ذلك نهار يحرم فيه الأكل مع تجويزه أن النبي ﷺ لم ينظر إلى ذلك الضوء نظرًا تامًّا، فقصد زيادة الإعلام فأجابه ﵊ بأن ذلك لا يضر وأعرض عن الضوء واعتبر غيبوبة الجرم ثم بين ما يعتبره من لم يتمكن من رؤية جرم الشمس كما حكاه الراوي عنه بقوله:
(ثم رمى) أي أشار ﵊(بيده هاهنا) أي إلى الشرق وإنما أشار إليه لأن أول الظلمة لا تقبل منه إلا وقد سقط القرص (ثم قال): ﵊: (إذا رأيتم الليل أقبل من هاهنا) أي من جهة المشرق (فقد أفطر الصائم) أي دخل وقت إفطاره.
واستنبط من هذا الحديث أن صوم رمضان في السفر أفضل من الإفطار لأنه ﷺ كان صائمًا في شهر رمضان في السفر ولقوله تعالى: ﴿وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون﴾ [البقرة: ١٨٤] ولبراءة الذمة وفضيلة الوقت، وفارق ذلك أفضلية القصر في السفر بأن في القصر براءة الذمة