هذا رواية عن مجهول لأن الصحابة كلهم عدول (نزل رمضان) أي صومه (فشق عليهم)، صومه (فكان من أطعم كل يوم مسكينًا ترك الصوم ممن يطيقه، ورخص لهم في ذلك) بضم الراء مبنيّا للمفعول (فنسختها) أي آية الفدية قوله تعالى: (﴿وأن تصوموا خيرٌ لكم﴾)[البقرة: ١٨٤].
(فأمروا بالصوم).
واستشكل وجه نسخ هذه الآية السابقة لأن الخيرية لا تقتضي الوجوب وأجاب الكرماني بأن معناه أن الصوم خير من التطوّع بالفدية والتطوّع بها سنة بدليل أنه خير والخير من السنة لا يكون إلا واجبًا.
وبه قال (حدّثنا عياش) بالمثناة التحتية والمثلثة آخره ابن الوليد الرقام البصري قال: (حدّثنا عبد الأعلى) بن عبد الأعلى البصري السامي بالمهملة قال: (حدّثنا عبيد الله) بضم العين مصغرًا العمري المدني (عن نافع عن ابن عمر ﵄) أنه (قرأ) قوله تعالى: (﴿فدية طعام مسكين﴾) بتنوين فدية ورفع طعام وجمع مساكين وفتح نونه من غير تنوين لمقابلة الجمع بالجمع وهذه قراءة هشام عن ابن عامر، ولابن عساكر: مسكين بالتوحيد وكسر النون مع تنوين فدية ورفع طعام وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو وعاصم وحمزة والكسائي. ففدية: مبتدأ خبره الجار قبله وطُعام بدل من فدية وتوحيد مسكين لمراعاة أفراد العموم أي وعلى كل واحد ممن يطيق الصوم لكل يوم يفطره إطعام مسكين، وتبين من إفراد المسكين أن الحكم لكل يوم يفطر فيه إطعام مسكين ولا يفهم ذلك من الجمع.
(وقال) أي ابن عمر (هي) أي آية الفدية (منسوخة) وهذا مذهب الجمهور خلافًا لابن عباس حيث قال: إنها ليست بمنسوخة وهي للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فليطعما مكان كل يوم مسكينًا. وهذا الحكم باق وهو حجة للشافعي ومن وافقه في أن من عجز عن الصوم لهرم أو زمانة أو اشتدت عليه مشقته سقط عنه الصوم لقوله تعالى: ﴿وما جعل عليكم في الدين من حرج﴾ [الحج: ٧٨] ولزمته الفدية خلافًا لمالك ومن وافقه. ومذهب الشافعية أن الحامل والمرضع ولو لولد غيرها بأجرة أو دونها إذا أفطرتا يجب على كل واحدة منهما مع القضاء الفدية من مالهما لكل يوم مد إن خافتا على الطفل وإن كانتا مسافرتين أو مريضتين لما روى البيهقي وأبو داود بإسناد حسن عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿وعلى الذين يطيقوله فدية﴾ [البقرة: ١٨٤] أنه نسخ حكمه إلا في حقهما حينئذٍ ويستثنى المتحيرة فلا فدية عليها على الأصح في الروضة للشك، وهو ظاهر فيما إذا أفطرت ستة عشر يومًا فأقل، فإن زادت عليها فينبغي وجوب الفدية عن الزائد لعلمنا بأنه