(و) باب (من قال ليس في الليل صيام) أي ليس محلاً له (لقوله تعالى) ﴿ثم أتموا الصيام إلى الليل﴾ [البقرة: ١٨٧] فإنه آخر وقته.
وفي حديث أبي سعيد الخير عند الترمذي في جامعه وابن السكن وغيره في الصحابة والدولابي في الكنى مرفوعًا: أن الله لم يكتب الصيام بالليل فمن صام فقد تعنى ولا أجر له. قال ابن منده: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وقال الترمذي: سألت البخاري عن فقال: ما أرى عبادة سمع من أبي سعيد الخير، وعند الإمام أحمد والطبراني وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم في تفسيرهما بإسناد صحيح إلى ليلى امرأة بشير بن الخصاصية قالت: أردت أن أصوم يومين مواصلة فمنعني بشير وقال: إن رسول الله ﷺ نهى عنه وقال يفعل ذلك النصارى ولكن صوموا كما أمركم الله تعالى: ﴿وأتموا الصيام إلى الليل﴾ فإذا كان الليل فأفطروا. (ونهى النبي ﷺ) فيما وصله المؤلّف قريبًا من حديث عائشة (عنه) أي عن الوصال (رحمة لهم) أي الأمة (وإبقاء عليهم) أي حفظًا لهم في بقاء أبدانهم على قوّتهم، وعند أبي داود بإسناد صحيح عن رجل من الصحابة قال: نهى النبي ﷺ عن الحجامة والمواصلة ولم يحرمهما إبقاء على أصحابه.
(و) باب (ما يكره من التعمق) وهو المبالغة في تكلف ما لم يكلف به.
وبالسند قال (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد (قال: حدثني) بالتوحيد (يحيى) بن سعيد القطان (عن شعبة) بن الحجاج (قال: حدثني) بالتوحيد أيضًا (قتادة) بن دعامة (عن أنس ﵁ عن النبي ﷺ) أنه (قال) لأصحابه:
(لا تواصلوا) نهي يقتضي الكراهة وهل هي للتنزيه أو للتحريم والأصح عند الشافعية التحريم قال الرافعي: وهو ظاهر نص الشافعي وكرهه مالك. قال الأبيّ: ولو إلى السحر واختار اللخمي جوازه إلى السحر لحديث من واصل فليواصل إلى السحر وقول أشهب من واصل أساء ظاهره التحريم. وقال ابن قدامة في المغني: يكره للتنزيه لا للتحريم ويدل للتحريم قوله في رواية ابن خزيمة من طريق شعبة بهذا الإسناد إياكم والوصال.
(قالوا إنك تواصل)، لم يسم القائلون، وفي رواية أبي هريرة الآتية إن شاء الله تعالى أول الباب اللاحق فقال رجل من المسلمين: وكأن القائل واحد ونسب إلى الجميع لرضاهم به وفيه دليل على استواء المكلفين في الأحكام وأن كل حكم ثبت في حقه ﵊ ثبت في حق أمته إلا ما استثنى فطلبوا الجمع بين قوله في النهي وفعله الدال على الإباحة، فأجابهم باختصاصه به