وبالسند قال:(حدّثنا أبو معمر) بفتح الميمين وسكون العين المهملة بينهما عبد الله بن عمرو المنقري المقعد قال: (حدّثنا عبد الوارث) بن سهل التميمي قال: (حدّثنا أبو التياح) بفتح المثناة الفوقية وتشديد التحتية آخره حاء مهملة يزيد بن حميد الضبعي (قال: حدثني) بالإفراد (أبو عثمان) هو عبد الرحمن النهدي (عن أبي هريرة ﵁ قال): (أوصاني خليلي) رسول الله (ﷺ بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر)، بجر صيام بدل من ثلاث ولم يعين الأيام بل أطلقها.
واستشكلت المطابقة بين الترجمة والحديث، وأجيب: بأن المؤلّف جرى على عادته في الإشارة إلى ما ورد في بعض طرق الحديث عند النسائي وصححه ابن حبان من طريق موسى بن طلحة عن أبي هريرة قال: جاء أعرابي إلى النبي ﷺ بأرنب قد شواها فأمرهم أن يأكلوأ وأمسك الأعرابيّ فقال: ما منعك أن تأكل؟ قال: إني أصوم ثلاثة أيام من كل شهر قال: إن كنت صائمًا فصم الغر آي البيض وهذا الحديث اختلف فيه على موسى بن طلحة اختلافًا كثيرًا بينه وبين الدارقطني.
وفي بعض طرقه عند النسائي إن كنت صائمًا فصم البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة، وعنده أيضًا من حديث جرير بن عبد الله عن النبي ﷺ قال: صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر وأيام البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة وإسناده صحيح، وفي رواية أيام البيض بغير واو ففيه استحباب صوم الثلاثة التي أولها الثالث، والمعنى فيه أن الحسنة بعشر أمثالها فصومها كصوم الشهر ومن ثم سن صوم ثلاثة أيام من كل شهر ولو غير أيام البيض كما في البحر وغيره لإطلاق حديث الباب وغيره.
قال السبكي: والحاصل أنه يسن صوم ثلاثة أيام من كل شهر وأن تكون أيام البيض فإن صامها أتى بالسنتين وتترجح البيض بكونها وسط الشهر ووسط الشيء أعدله ولأن الكسوف غالبًا يقع فيها وقد ورد الأمر بمزيد العبادة إذا وقع.
وسئل الحسن البصري: لم صام الناس الأيام البيض وأعرابي يسمع؟ فقال الأعرابي: لأنه لا يكون الكسوف إلا فيهن ويحب الله أن لا تكون في السماء آية إلا كان في الأرض عبادة، والاحتياط صوم الثاني عشر مع أيام البيض لأن في الترمذي أنها الثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر، ورجح بعضهم صيام الثلاثة في أول كل شهر لأن المرء لا يدري ما يعرض له من الموانع.