للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والذكر والاجتهاد في العبادات وفي التقرب إلى الله تعالى بإراقة دماء الأضاحي وفي حصول المغفرة فشاركوهم في أعيادهم واشترك الجميع في الراحة بالأكل والشرب، فصار المسلمون كلهم في ضيافة الله تعالى في هذه الأيام يأكلون من رزقه ويشكرونه على فضله، ولما كان الكريم لا يليق به أن يجيع أضيافه نهوا عن صيامها (إلا لمن لم يجد الهدي) وفي رواية أبي عوانة عن عبد الله بن عيسى عند الطحاوي إلا لمتمتع أو محصر أي فيجوز له صيامها وهذا مذهب مالك وهو الرواية الثانية عن أحمد واختاره ابن عبدوس في تذكرته وصححه في الفائق وقدمه في المحرر والرعاية الكبرى. وقال ابن منجا في شرحه أنه المذهب وهو قول الشافعي القديم لحديث الباب قال في الروضة: وهو الراجح دليلاً والصحيح من مذهب الشافعي وهو القول الجديد ومذهب الحنفية أنه يحرم صومها لعموم النهي وهو الرواية الأولى عن أحمد. قال الزركشي الحنبلي: وهي التي ذهب إليها أحمد أخيرًا. قال في المبهج وهي الصحيحة اهـ.

وأما قول الحافظ ابن حجر أن الطحاوي قال إن قول ابن عمر وعائشة لم يرخص الخ أخذاه من عموم قوله تعالى: ﴿فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج﴾ [البقرة: ١٩٦] لأن قوله في الحج يعم ما قبل يوم النحر وما بعده فتدخل أيام التشريق. قال في الفتح: وعلى هذا فليس بمرفوع بل هو بطريق الاستنباط عما فهماه من عموم الآية، وقد ثبت نهيه عن صوم أيام التشريق وهو عام في حق المتمتع وغيره، وعلى هذا فقد تعارض عموم الآية المشعر بالإذن وعموم الحديث المشعر بالنهي وفي تخصيص عموم المتواتر بعموم الآحاد نظر لو كان الحديث مرفوعًا فكيف وفي كونه مرفوعًا نظر، فعلى هذا يترجح القول بالجواز وإلى هذا جنح البخاري اهـ. والله أعلم.

ففيه نظر لأن قوله لو كان الحديث مرفوعًا فكيف وفي كونه مرفوعًا نظر لا معنى له لأنه إن كان مراده به حديث النهي عن صوم أيام التشريق المروي في غير ما حديث فهو بلا شك مرفوع كما صرح هو به حيث قال: وقد ثبت نهيه عن صوم أيام التشريق وإن كان مراده به حديث الباب فليس التعارض المذكور واقعًا بينه وبين عموم الآية، وكيف يكون ذلك؟ وقد ادّعى استنباطه منها فالظاهر أنه سهو، ولئن سلمنا التعارض بين حديث النهي والآية فالصحيح أنه مخصص لعمومها لكنا لا نسلم أن أيام التشريق من أيام الحج كما لا يخفى ونص عليه الشافعي وغيره على أن الطحاوي لم يجزم بأن ابن عمر وعائشة أخذاه من عموم الآية، وعبارته فقولهما ذلك يجوز أن يكونا عنيا بهذه الرخصة ما قال الله تعالى في كتابه ﴿فصيام ثلاثة أيام في الحج﴾ فعداها أيام التشريق من أيام الحج فقالا رخص للحاج المتمتع والمحصر في صوم أيام التشريق لهذه الآية ولأن هذه الأيام عندهما من أيام الحج وخفي عليهما ما كان من توقيف رسول الله الناس من بعده على أن هذه الأيام ليست بداخلة فيما أباح الله ﷿ صومه من ذلك اهـ فليتأمل.

والعجب من العيني في كونه لم ينبه على ذلك ولم يعرج عليه كغيره من الشراح مع كثرة تعقبه على الحافظ في كثير من الواضحات. نعم تعقبه في قوله ووقع في رواية يحيى بن سلام عن شعبة

<<  <  ج: ص:  >  >>