للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القابسي بالسين أي بدل الصاد، وقد قال الخليل: كل صاد تجيء قبل القاف فللعرب فيها لغتان سين وصاد. قال في المصابيح وقوله: يشغلهم خبر كان مقدمًا وصفق اسمها.

فإن قلت: قد منعوا في باب المبتدأ تقديم الخبر في مثل زيد قام لئلا يلتبس بالفاعل ومقتضاه منع ما ذكرته من الإعراب. وأجاب بأنه بعد دخول الناسخ يجوز نحو: كان يقوم زيد خلافًا لقوم صرح به في التسهيل اهـ.

والمراد بالصفق هنا التبايع لأنهم كانوا إذا تبايعوا تصافقوا بالأكفّ أمارة لانتزاع المبيع لأن الأملاك إنما تضاف إلى الأيدي والمقبوض تبع لها، فإذا تصافقت الأكف انتقلت الأملاك واستقرت كل يد منها على ما صار لكل واحد منهما من ملك صاحبه.

وهذا موضع الترجمة لأنه وقع في زمنه واطّلع عليه وأقره.

(وكنت ألزم رسول الله على ملء بطنى) بكسر الميم وسكون اللام ثم همزة مقتنعًا بالقوت فلم يكن لي غيبة عنه (فأشهد) رسول الله (إذا غابوا) أي إخوتي من المهاجرين (وأحفظ) حديثه (إذا نسوا) بفتح النون وضم المهملة المخففة (وكان يشغل إخوتي من الأنصار عمل أموالهم) في الزراعة، وعمل: فاعل يشغل، وإخوتي: مفعول وهو المثناة الفوقية في الموضعين، (وكنت امرأ مسكينًا من مساكين الصفة) التي كانت منزل غرباء فقراء الصحابة بالمسجد الشريف النبوي (أعي) استئناف أو حال من الضمير في كنت وإن كان مضارعًا وكان ماضيًا لأنه لحكاية الحال الماضية أي أحفظ (حين ينسون) لم يقل أشهد إذا غابوا لأن غيبة الأنصار كانت أقل لأن المدينة بلدهم ووقت الزراعة قصير فلم يعتدّ به (وقد قال رسول الله في حديث يحدّثه: إنه لن يبسط أحد ثوبه حتى أقضي مقالتي هذه ثم يجمع إليه ثوبه إلا وعى ما أقول) أي حفظه (فبسطت نمرة) كانت (عليّ) بفتح النون وكسر الميم كساء ملونًا كأنه من النمر لما فيه من سواد وبياض، وقال ثعلب: ثوب مخطط (حتى إذا قضى رسول الله مقالته جمعتها إلى صدري فما نسيت من مقالة رسول الله تلك من شيء).

ووقع في الترمذي التصريح بهذه القابلة المبهمة في حديث أبي هريرة ولفظه قال رسول الله : "ما من رجل يسمع كلمة أو كلمتين مما فرض الله تعالى عليه فيتعلمهن ويعلمهنّ إلا دخل الجنة" ومقتضى قوله: فما نسيت من مقالة رسول الله تلك من شيء تخصيص عدم النسيان بهذه المقالة فقط، لكن وقع في باب: حفظ العلم من طريق سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: ابسط رداءك فبسطته فغرف بيديه ثم قال ضمه فضممته فما نسيت شيئًا بعده أي بعد الضم، وظاهره العموم في عدم النسيان منه لكل شيء في الحديث وغيره لأن النكرة في سياق النفي تدل عليه، لكن وقع في رواية يونس عند مسلم: فما نسيت بعد ذلك اليوم شيئًا حدّثني به، وهو يقتضي تخصيص عدم النسيان بالحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>