للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحدهما: معناه هو أخوك إما بالاستلحاق وإما بالقضاء بعلمه لأن زمعة كان صهره والد زوجته، ويؤيده ما في المغازي عند المؤلّف هو لك فهو أخوك يا عبد، وأما ما عند أحمد في مسنده والنسائي في سننه من زيادة ليس لك بأخ فأعلها البيهقي. وقال المنذري: إنها زيادة غير ثابتة.

والثاني: أن معناه هو لك ملكًا لأنه ابن وليدة أبيك من غيره لأن زمعة لم يقرّ به ولا شهد عليه فلم يبق إلا أنه عبد تبعًا لأمه وهذا قاله ابن جرير.

(ثم قال النبي : الولد) تابع (للفراش) وهو على حذف مضاف أي: لصاحب الفراش زوجًا أو سيدًا.

وفي كتاب الفرائض عند المؤلّف من حديث أبي هريرة الولد لصاحب الفراش، وترجم عليه وعلى حديث عائشة الولد للفراش حرّة كانت أو أمة وهو لفظ عامّ ورد على سبب خاص وهو معتبر العموم عند الأكثر نظرًا لظاهر اللفظ، وقيل هو مقصور على السبب لوروده فيه، ومثاله حديث الترمذي وغيره عن أبي سعيد الخدري قيل: يا رسول الله أنتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر تلقى فيها الحيض ولحوم الكلاب والنتن؟ فقال: "إن الماء طهور لا ينجسه شيء" أي مما ذكر وغيره، وقيل مما ذكر وهو ساكت عن غيره.

ثم إن صورة السبب التي ورد عليها العام قطعية الدخول فيه عند الأكثر من العلماء لوروده فيها فلا يخص منه بالاجتهاد. وقال الشيخ تقي الدين السبكي: وهذا عندي ينبغي أن يكون إذا دلّت قرائن حالية أو مقالية على ذلك أو على أن اللفظ العامّ يشمله بطريق لا محالة وإلاّ فقد ينازع الخصم في دخوله وضعًا تحت اللفظ العام ويدّعي أنه قد يقصد المتكلم بالعام إخراج السبب وبيان أنه ليس داخلاً في الحكم، فإن للحنفية القائلين إن ولد الأمة المستفرشة لا يلحق سيدها ما لم يقرّ به نظرًا إلى أن الأصل في اللحاق الإقرار أن يقولوا في قوله "الولد للفراش" وإن كان واردًا في أمة فهو وارد لبيان حكم ذلك الولد وبيان حكمه أما بالثبوت أو بالانتفاء فإذا ثبت أن الفراش هي الزوجة لأنها هي التي يتخذ لها الفراش غالبًا وقال: الولد للفراش كان فيه حصر أن الولد للحرة وبمقتضى ذلك لا يكون للأمة فكان فيه بيان الحكمين جميعًا نفي السبب عن المسبب وإثباته لغيره ولا يليق دعوى القطع هاهنا وذلك من جهة اللفظ، وهذا في الحقيقة نزاع في أن اسم الفراش هل هو موضوع للحرة والأمة الموطوءة أو للحرة فقط؟ فالحنفية يدعون الثاني فلا عموم عندهم له في الأمة فتخرج المسألة حينئذٍ من باب أن العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب. نعم قوله في هذا الحديث: "هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش وللعاهر الحجر" بهذا التركيب يقتضي أنه ألحقه به على حكم السبب فيلزم أن يكون مرادًا من قوله للفراش. فليتنبّه لهذا البحث فإنه نفيس جدًّا. وبالجملة فهذا الحديث أصل في إلحاق الولد بصاحب الفراش وإن طرأ عليه وطء محرم.

<<  <  ج: ص:  >  >>