الصلاة في جماعة، وعن مقاتل بن حيان لا يلهيهم ذلك عن حضور الصلاة وأن يقيموها كما أمرهم الله وأن يحافظوا على مواقيتها وما استحفظهم الله فيها، والتجارة صناعة التاجر وهو الذي يبيع ويشتري للربح وعطف البيع على التجارة مع كونها أعم لأن البيع كما في الكشاف أدخل في الإلهاء من قيل أن التاجر إذا اتجهت له بيعة رابحة وهي طلبته الكلية من صناعته ألهته ما لا يلهيه شراء شيء يتوقع فيه الربح في الوقت أو لأن هذا يقين وذاك مظنون، أو أن الشراء يسمى تجارة إطلاقًا لاسم الجنس على النوع أو التجارة لأهل الجلب يقال: تجر فلان في كذا إذا جلبه، واختلف في المعنى فقيل لا تجارة لهم فلا يشتغلون عن الذكر، وقيل لهم تجارة ولكنها لا تشغلهم، وعلى هذا تنزل البخاري فإنما أراد إباحة التجارة وإثباتها لا نفيها، وأراد بقوله في البز وغيره أنه لا يتقيد في تخصيص نوع من البضائع دون غيره، وإنما التقييد في أن لا يشتغل بالتجارة عن الذكر ولم يسق في الباب حديثًا
يقتضي التجارة في البز بعينها من بين سائر أنواع التجارات. قال ابن بطال: غير أن قوله تعالى: ﴿رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله﴾ [النور: ٣٧] يدخل فيه جميع أنواع التجارة من البز وغيره. قال في المصابيح: لا نسلم شمول الآية لكل تجارة بطريق العموم الاستغراقي فإن التجارة والبيع فيها من المطلق لا من العام.
فإن قلت: كيف يتجه هذا وكل من التجارة والبيع في الآية وقع نكرة في سياق النفي؟ وأجاب: بأن ترجمة البخاري مقتضية لإثبات التجارة لا نفيها وأن المعنى لهم تجارة وبيع لا يلهيانهم عن ذكر الله فإذن كل منهما نكرة في سياق الإثبات فلا تعم.
(وقال قتادة كان القوم) أي الصحابة (يتبايعون ويتجرون ولكنهم إذا نابهم) أي عرض لهم (حق من حقوق الله لم تلههم تجارة ولا بيع) أي لم تشغلهم الدنيا وزخرفها وملاذها وربحها (عن ذكر الله حتى يؤدّوه إلى الله)﷿ الذي هو خالقهم ورازقهم فيقدمون طاعته ومراده ومحبته على مرادهم ومحبتهم وقال ابن بطال ورأيت في تفسير الآية قال كانوا حدادين وخزازين فكان أحدهم إذا رفع المطرقة أو غرز الأشفي لم يرفعه من الغرزة ولم يوقع المطرقة ورمى بها وقام إلى الصلاة وهذا التعليق قال في الفتح لم أره موصولاً عن قتادة نعم روى ابن أبي حاتم وابن جرير فيما ذكره ابن كثير في تفسيره عن ابن عمر أنه كان في السوق فأقيمت الصلاة فأغلقوا حوانيتهم ودخلوا المسجد فقال ابن عمر: فيهم نزلت الآية وعزاه في فتح الباري لتخريج عبد الرزاق.