للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المال) لأنه لما اشتغل بالنظر في أمور المسلمين لكونه خليفة احتاج أن يأكل هو وأهله من بيت المال.

وقد روى ابن سعد بإسناد مرسل رجاله ثقات قال: لما استخلف أبو بكر أصبح غاديًا إلى السوق على رأسه أثواب يتجر بها فلقيه عمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجرّاح فقالا: كيف تصنع هذا وقد وليت أمر المسلمين؟ قال: فمن أين أطعم عيالي؟ قالوا: نفرض لك ففرضوا له كل يوم شطر شاة. ففيه أن القدر الذي كان يتناوله فرض له باتفاق من الصحابة.

(ويحترف للمسلمين فيه) أي يتجر في أموالهم بأن يعطي المال لمن يتجر فيه ويجعل ربحه للمسلمين في نظير ما يأخذه، وللمستملي والحموي: واحترف بهمزة بدل الياء وهذا تطوّع منه فإنه لا يجب على الإمام الاتجار في أموال المسلمين بقدر مؤنته لأنها فرض في بيت المال، أو المراد من الاحتراف نظره في أمورهم وتمييز مكاسبهم وأرزاقهم أو المعنى يجازيهم يقال: احترف الرجل إذا جازى على خير أو شر.

ومطابقة الحديث للترجمة من حيث أن فيه ما يدل على أن كسب الرجل بيده أفضل، وذلك أن أبا بكر كان يحترف أي يكتسب ما يكفي عياله ثم لما اشتغل بأمر المسلمين حين استخلف لم يكن يفرغ للاحترام بيده فصار يحترف للمسلمين وإنه يعتذر عن تركه الاحترام لأهله، فلولا أن الكسب بيده أفضل لم يكن ليعتذر، وقد صوّب النووي أن أطيب الكسب ما كان بعمل اليد.

وهذا الحديث وإن كان ظاهره أنه موقوف لكنه بما اقتضاه من أنه قبل أن يستخلف كان يحترف لتحصيل مؤنة أهله يصير مرفوعًا لأنه كقول الصحابي: كنا نفعل كذا على عهد النبي .

٢٠٧١ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ : "كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ عُمَّالَ أَنْفُسِهِمْ، وَكَانَ يَكُونُ لَهُمْ أَرْوَاحٌ، فَقِيلَ لَهُمْ: لَوِ اغْتَسَلْتُمْ". رَوَاهُ هَمَّامٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ.

وبه قال: (حدّثنا محمد) هو ابن إسماعيل المؤلّف قال: (حدّثنا عبد الله بن يزيد) هو المقري مولى عمر بن الخطاب القرشي العدوي شيخ المؤلّف قال: (حدّثنا سعيد) هو ابن أبي أيوب المصري (قال: حدّثني) بالإفراد (أبو الأسود) محمد بن عبد الرحيم يتيم عروة بن الزبير (عن عروة قال: قالت عائشة : كان أصحاب رسول الله عمال أنفسهم) بضم العين وتشديد الميم جمع عامل (وكان) ولأبي ذر وابن عساكر: فكان بالفاء (يكون لهم أرواح) جمع ريح وهو أكثر من أرياح خلافًا لا يقتضيه كلام الصحاح وذلك أن فيه والريح واحدة الرياح والأرياح وقد يجمع على أرواح لأن أصلها الواو وأراح اللحم أنتن، وكان الأولى شأنية واسمها ضمير مستتر فيها ويكون لهم أرواح في محل نصب خبر كان وعبر بيكون المضارع استحضارًا للماضي أو إرادة الاستمرار (فقيل لهم: لو اغتسلتم) لذهبت عنكم تلك الروائح الكريهة. (رواه) أي الحديث المذكور (همام) بفتح

<<  <  ج: ص:  >  >>