المبالغة وهو أنه قد بلغ من اعتقادهم في حل الربا أنهم جعلوه أصلاً وقانونًا في الحل حتى شبهوا به البيع انتهى.
وتعقبه ابن المنير: بأنه لا يجب حمله على المبالغة إذ يمكن أن يقال الربا كالبيع والبيع حلال فالربا مثله، ويمكن أن يعكس فيقال البيع كالربا فلو كان الربا حرامًا كان البيع حرامًا فالأول قياس الطرد، والثاني قياس العكس انتهى.
والفرق بين الربا والبيع بَيّن فإن من أعطى درهمين بدرهم ضيع درهمًا، ومن اشترى سلعة تساوي درهمًا بدرهمين فلعل مسيس الحاجة إليها أو توقع رواجها يجبر هذا الغبن.
﴿وأحل الله البيع وحرّم الربا﴾ إنكار لتسويتهم وإبطال للقياس لمعارضته النص ﴿فمن جاءه موعظة من ربه﴾ بلغه وعظ من الله ﴿فانتهى﴾ فاتعظ وتبع النهي حال وصول الشرع إليه ﴿فله ما سلف﴾ من المعاملة أي له ما كان من الربا زمن الجاهلية ﴿وأمره إلى الله﴾ يحكم يوم القيامة بينهم وليس من أمره إليكم شيء ﴿ومن عاد﴾ إلى تحليل الربا وأكله ﴿فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون﴾ [البقرة: ٢٧٥] لأنهم كفروا به، ولفظ رواية أبوي ذر والوقت: ﴿الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس﴾ إلى قوله: ﴿هم فيها خالدون﴾.
وبالسند قال:(حدّثنا محمد بن بشار) بالموحدة وتشديد المعجمة قال: (حدّثنا غندر) هو لقب محمد بن جعفر البصري (عن شعبة عن منصور) أي ابن المعتمر (عن أبي الضحى) مسلم بن صبيح الكوفي (عن مسروق) هو ابن الأجدع (عن عائشة ﵂) أنها (قالت: لما نزلت) أي الآيات (آخر) سورة (البقرة) ﴿الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس﴾ إلى قوله: ﴿لا تظلمون ولا تظلمون﴾ [البقرة: ٢٧٥ - ٢٧٩](قرأهن النبي ﷺ عليهم في المسجد ثم حرّم التجارة في الخمر) أي بيعه وشراءه.
وهذا الحديث قد مرّ في أبواب المساجد من كتاب الصلاة.