واستشكل أيضًا بأن تأنيثه لازم والصحيح أن يقال الجرباء أو الجرب بلفظ الجمع. وأجيب: بأنه على تقدير تسليم لزوم التأنيث فهو عطف على نفسها لا على صفتها وهو الهيم قاله الكرماني والبرماوي وللنسفي والأجرب من غير همزة.
قال المؤلّف مفسرًا لقوله "الهيم"(الهائم المخالف للقصد في كل شيء) كأنه يريد أن بها داء الجنون، واعترضه ابن المنير كابن التين بأن الهيم ليس جمعًا لهائم، وأجاب في المصابيح بأنه لِمَ لا يجوز أن يكون كبازل وبزل ثم قلبت ضمة هيم لتصح الياء كما فعل بجمع أبيض.
وبه قال:(حدّثنا علي بن عبد الله) المديني وسقط لغير أبوي ذر والوقت ابن عبد الله قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (قال: قال عمرو) هو ابن دينار: (كان هاهنا رجل اسمه نوّاس) بفتح النون وتشديد الواو وبعد الألف سين مهملة، وللقابسي كما في الفتح نواس بكسر النون والتخفيف، وللكشميهني نوّاسي كالرواية الأولى لكنه بزيادة ياء النسب المشددة، (وكانت عنده إبل هيم فذهب ابن عمر ﵄ فاشترى تلك الإبل) الهيم (من شريك له) لم يسم (فجاء إليه) أي إلى نواس (شريكه فقال: بعنا تلك الإبل) الهيم (فقال) نواس (ممّن بعتها؟ قال) ولأبي ذر فقال (من شيخ) صفته (كذا وكذا. فقال) نوّاس: (ويحك) كلمة توبيخ تقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها (ذاك والله ابن عمر فجاءه) أي فجاء نواس ابن عمر (فقال: إن شريكي باعك إبلاً هيمًا ولم يعرفك) بفتح التحتية وسكون المهملة، وللحموي والمستملي: ولم يعرّفك بضم التحتية وفتح المهملة وتشديد الراء من التعريف أي لم يعلمك أنها هيم. (قال) أي ابن عمر لنوّاس (فاستقها) فعل أمر من الاستياق، وفي رواية ابن أبي عمر قال فاستقها إذا أي إن كان الأمر كما تقول فارتجعها (قال: فلما ذهب) نواس (يستاقها) ليرتجعها واستدرك ابن عمر (فقال) ولأبي الوقت: قال (دعها) أي اتركها (رضينا بقضاء رسول الله ﷺ) أي بحكمه (لا عدوى).
قال الخطابي: المعنى رضيت بقضاء رسول الله ﷺ وأرضى بالبيع مع ما اشتمل عليه من التدليس والعيب فلا أعدي عليكما حاكمًا ولا أرفعكما إليه، وقال غيره: هو اسم من الأعداء يقال أعداه الداء يعديه إعداء وهو أن يصيبه مثل ما بصاحب الداء وذلك بأن يكون ببعير جرب مثلاً فتتقى مخالطته بإبل أخرى حذرًا أن يتعدّى ما به من الجرب إليها فيصيبها ما أصابه.