وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن نافع) مولى ابن عمر (عن القاسم بن محمد) أي ابن أبي بكر الصديق (عن عائشة أم المؤمنين ﵂ أنها أخبرته أنها اشترت نمرقة) بضم النون والراء وبكسرهما بينهما ميم ساكنة وبالقاف المفتوحة، وحكي تثليث النون وسادة صغيرة (فيها تصاوير) حيوان، (فلما رآها رسول الله ﷺ قام على الباب فلم يدخله) وللكشميهني: فلم يدخل بحذف الضمير (فعرفت في وجهه)﵊(الكراهة فقلت: يا رسول الله أتوب إلى الله وإلى رسوله ﷺ ماذا أذنبت؟) فيه جواز التوبة من الذنوب كلها إجمالاً وإن لم يستحضر التائب خصوص الذنب الذي حصلت به مؤاخذته (فقال رسول الله ﷺ):
(ما بال هذه النمرقة؟ قلت: اشتريتها لك لتقعد عليها وتوسدها) بالنصب عطفًا على سابقه وحذف التاء للتخفيف وأصله وتتوسدها (فقال رسول الله ﷺ: إن أصحاب هذه الصور) المصوّرين ما له روح وفي نسخة بالفرع وأصله: الصورة بالإفراد (يوم القيامة يعذبون فيقال لهم) على سبيل التهكم والتعجيز (أحيوا) بفتح الهمزة (ما خلقتم) صوّرتم كصورة الحيوان (وقال)﵊(إن البيت الذي فيه) زاد المستملي هذه (الصور لا تدخله الملائكة) عام مخصوص، فالمراد غير الحفظة أما الحفظة فلا يفارقون الإنسان إلا عند الجماع والخلاء كما عند ابن عديّ وضعفه والمراد بالصورة صورة الحيوان فلا بأس بصورة الأشجار والجبال ونحو ذلك مما لا روح له، ويدل قول ابن عباس المروي في مسلم لرجل: إن كنت ولا بدّ فاعلاً فاصنع الشجر وما لا نفس له. وأما الصورة التي تمتهن في البساط والوسادة وغيرهما فلا يمتنع دخول الملائكة بسببها، لكن قال الخطابي: إنه عامّ في كل صورة انتهى.
وإذا حصل الوعيد لصانعها فهو حاصل لمستعملها لأنها لا تصنع إلا لتستعمل فالصانع سبب والمستعمل مباشر فيكون أولى بالوعيد ويستفاد منه أنه لا فرق في تحريم التصوير بين أن تكون صورة لها ظل أو لا. ولا بين أن تكون مدهونة أو منقوشة أو منقورة أو منسوجة خلافًا لمن استثنى النسج وادّعى أنه ليس بتصوير.