شعبة) بن الحجاج (قال: قتادة) بن دعامة (أخبرني) بالإفراد (عن صالح أبي الخليل) بن أبي مريم (عن عبد الله بن الحرث) بن نوفل الهاشمي أنه (قال: سمعت حكيم بن حزام ﵁) يقول (عن النبي ﷺ) أنه (قال):
(البيعان بالخيار) في المجلس (ما لم يتفرفا) ببدنهما عن مكان التعاقد فلو أقاما فيه مدة أو تماشيا مراحل فهما على خيارهما وإن زادت المدة على ثلاثة أيام فلو اختلفا في التفرق فالقول قول منكره بيمينه وإن طال الزمن لموافقته الأصل (فإن صدقا) البائع في صفة المبيع والمشتري فيما يعطي في عوض المبيع (وبينا) ما بالمبيع والثمن من عيب ونقص (بورك لهما في بيعهما وإن كذبا) في وصف المبيع والثمن (وكتما) ما فيهما من عيب ونقص (محقت بركة بيعهما) التي كانت تحصل على تقدير خلوّه من الكذب والكتمان لوجودهما فيه، وليس المراد أن البركة كانت فيه ثم محقت أو المراد أن هذا البيع وإن حصل فيه ربح فإنه يمحق بركة ربحه، ويؤيده الحديث الآتي إن شاء الله تعالى بلفظ وإن كذبا وكتما فعسى أن يربحا ربحًا ويمحقا بركة بيعهما.
وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام الأعظم (عن نافع عن عبد الله بن عمر ﵄ أن رسول الله ﷺ قال):
(المتبايعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه) بالخيار خبر لكل واحد أي كل واحد محكوم له بالخيار والجملة خبر لقوله المتبايعان (ما لم يتفرقا) ببدنهما فيثبت لهما خيال المجلس، والمعنى أن الخيار ممتد زمن عدم تفرقهما وذلك لأن (ما) مصدرية ظرفية. وفي حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص عند البيهقي والدارقطني "ما لم يتفرقا عن مكانهما" وذلك صريح في المقصود وسماهما المتبايعين وهما المتعاقدان لأن البيع من الأسماء المشتقة من أفعال الفاعلين وهي لا تقع في الحقيقة إلا بعد حصول الفعل وليس بعد العقد تفرق إلا بالأبدان، وقيل المراد التفرق بالأقوال وهو الفراغ من العقد فإذا تعاقدا صح البيع ولا خيار لهما إلا أن يشترطا وتسميتهما بالمتبايعين يصح أن يكون بمعنى المتساومين من باب تسمية الشيء بما يؤول إليه أو يقرب منه، وتعقبه ابن حزم بأن خيار المجلس ثابت بهذا الحديث سواء قلنا التفرق بالكلام أو بالأبدان، أما حيث قلنا بالأبدان فواضح وحيث قلنا بالكلام فواضح أيضًا لأن قول أحد المتبايعين مثلاً بعتكه بعشرة وقول المشتري بل بعشرين مثلاً افتراق في الكلام بلا شك، بخلاف ما لو قال اشتريته بعشرة فإنهما حينئذ متوافقان فيتعين ثبوت الخيار لهما حين يتفقان لا حين يفترقان وهو المدعى. وأما قوله: المراد بالمتبايعين المتساومان فمردود لأنه مجاوز والحمل على الحقيقة أو ما يقرب منها أولى. قال