وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) إمام دار الهجرة ابن أنس (عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر ﵄ أن رجلاً) هو حبان بن منقذ كما رواه ابن الجارود والحاكم وغيرهما وجزم به النووي في شرح مسلم وهو بفتح الحاء المهملة وتشديد الموحدة ومنقذ بالمعجمة وكسر القاف قبلها الصحابيّ ابن الصحابيّ الأنصاري، وقيل هو منقذ بن عمرو كما وقع في ابن ماجة وتاريخ البخاري وصححه النووي في مبهماته وكان حبان قد شهد أُحُدًا وما بعدها وتوفي في زمن عثمان ﵁(ذكر للنبي ﷺ أنه يخدع في البيوع) بضم التحتية وسكون الخاء المعجمة وفتح الدال المهملة، وعند الشافعي وأحمد وابن خزيمة والدارقطني أن حبان بن منقذ كان ضعيفًا وكان قد شج في رأسه مأمومة وقد ثقل لسانه، وزاد الدارقطني من طريق ابن إسحاق فقال: حدّثني محمد بن يحيى بن حبان قال هو جدي منقذ بن عمرو وكانت في رأسه آمة (فقال) له النبي ﷺ: (إذا بايعت فقل لا خلابة) بكسر الخاء المعجمة وتخفيف اللام أي لا خديعة في الدين لأن الدين النصيحة فلا لنفي الجنس وخبرها محذوف.
وقال التوربشتي لقنه النبي ﷺ هذا القول ليتلفظ به عند البيع ليطلع به صاحبه على أنه ليس من ذوي البصائر من معرفة السلع ومقادير القيمة فيها ليرى له كما يرى لنفسه، وكان الناس في ذلك أحقّاء لا يغبنون أخاهم المسلم وكانوا ينظرون له كما ينظرون لأنفسهم انتهى.
واستعماله في الشرع عبارة عن اشتراط خيار الثلاث، وقد زاد البيهقي في هذا الحديث بإسناد حسن: ثم أنت بالخيار في كل سلعة ابتعتها ثلاث ليالٍ، وفي رواية الدارقطني عن عمر فجعل له رسول الله ﷺ عهدة ثلاثة أيام. زاد ابن إسحاق في رواية يونس بن بكير فإن رضيت فأمسك وإن سخطت فاردد فبقي حتى أدرك زمن عثمان وهو ابن مائة وثلاثين سنة فكثر الناس في زمن عثمان فكان إذا اشترى شيئًا فقيل له: إنك غبنت فيه رجع به فيشهد له الرجل من الصحابة بأن النبي ﷺ قد جعله بالخيار ثلاثًا فردّ له دراهمه، واستدلّ به أحمد لأنه يرد بالغبن الفاحش لمن لم يعرف قيمة السلعة، وحدّه بعض الحنابلة بثلث القيمة وقيل بسدسها. وأجاب الشافعية والحنفية والجمهور بأنها واقعة عين وحكاية حال فلا يصح دعوى العموم فيها عند أحد.
وقال البيضاوي: حديث ابن عمر هذا يدل على أن الغبن لا يفسد البيع ولا يثبت الخيار لأنه لو أفسد البيع أو أثبت الخيار لبيّنه رسول الله ﷺ ولم يأمره بالشرط اهـ.
وفيه اشتراط الخيار من المشتري فقط وقيس به البائع ويصدق ذلك باشتراطهما معًا وخرج بالثلاثة ما فوقها وشرط الخيار مطلقًا لأن ثبوت الخيار على خلاف القياس لأنه غرر فيقتصر فيه على مورد النص وجاز أقل منها بالأولى.
وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في ترك الحيل وأبو داود والنسائي في البيوع.