ناب عن الفاعل (تفتنون) تمتحنون وتختبرون (في قبوركم مثل أو قريبًا) بحذف التنوين في مثل وإثباته في تاليه (لا أدري أي ذلك) لفظ مثل أو قريبًا.
(قالت أسماء)﵂: (من فتنة المسيح) بالحاء المهملة لمسحه الأرض أو لأنه ممسوح العين (الدجال) الكذاب، والتقدير مثل فتنة المسيح أو قريبًا منها فحذف ما كان مثل مضافًا إليه لدلالة ما بعده وترك هو على هيئته قبل الحذف كذا وجهه ابن مالك وقال: إنه الرواية المشهورة.
وقال عياض: الأحسن تنوين الثاني وتركه في الأوّل، وفي رواية في الفرع وأصله مثل أو قريب بالنصب من غير ألف بغير تنوين فيهما.
قال الزركشي: المشهور في البخاري أي تفتنون مثل فتنة الدجال أو قريب الشبه من فتنة الدجال، فكلاهما مضاف، وجملة لا أدري إلى آخرها اعتراض بين المضاف والمضاف إليه مؤكدة لمعنى الشك المستفاد من كلمة أو لا يقال كيف فصل بين المضافين وبين ما أضيفا إليه، لأن الجملة المؤكدة للشيء لا تكون أجنبية منه، وإثبات من كما في بعض النسخ وهو الذي في فرع اليونينية بين المضاف والمضاف إليه لا يمتنع عند جماعة من النحاة ولا يخرج بذلك عن الإضافة، وفي رواية مثلاً أو قريبًا بإثبات التنوين فيهما أي تفتنون في قبوركم فتنة مثلاً من فتنة المسيح أو فتنة قريبًا من فتنة المسيح، وحينئذ فالأوّل صفة لمصدر محذوف، والثاني عطف عليه، وأي مرفوع على الأشهر بالابتداء والخبر.
قالت أسماء: وضمير المفعول محذوف أي قالته وفعل الدراية معلق بالاستفهام لأنه من أفعال القلوب وبالنصب مفعول أدري إن جعلت موصولة، أو قالت إن جعلت استفهامية أو موصولة (يقال) للمفتون: (ما علمك) مبتدأ وخبره (بهذا الرجل)ﷺ ولم يعبر بضمير المتكلم لأنه حكاية قول الملكين، ولم يقل رسول الله ﷺ لأنه يصير تلقينًا لحجته وعدل عن خطاب الجمع في أنكم تفتنون إلى المفرد في قوله ما علمك لأنه تفصيل. أي كل واحد يقال له ذلك لأن السؤال عن العلم يكون لكل واحد، وكذا الجواب بخلاف الفتنة، (فأما المؤمن أو الموقن) أي المصدق بنبوّته ﷺ(لا أدري بأيهما) وفي رواية الأربعة أيهما المؤمن أو الموقن.
(قالت أسماء) والشك من فاطمة بنت المنذر (فيقول) الفاء جواب أما لما في أما من معنى الشرط (هو محمد رسول الله) هو (جاءنا بالبينات) بالمعجزات الدالّة على نبوّته (والهدى) أي الدلالة الموصلة إلى البغية (فأجبنا واتبعنا) وفي رواية أبي ذر فأجبناه واتبعناه بالهاء فيهما فحذف ضمير المفعول في الرواية الأولى للعلم به أي قبلنا نبوّته معتقدين مصدّقين واتّبعناه فيما جاء به إلينا أو الإجابة تتعلق بالعلم والاتباع بالعمل. يقول المؤمن:(هو محمد) وفي رواية أبي ذر وأبي الوقت وهو محمد-ﷺ قولاً (ثلاثًا) أي ثلاث مرات (فيقال) له: (نم) حال كونك (صالحًا) منتفعًا بأعمالك إذ الصلاح كون الشيء في حدّ الانتفاع (قد علمنا إن كنت) بكسر الهمزة أي الشأن كنت (لموقنًا به) أي إنك موقن كقوله تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ﴾ [آل عمران: ١١٠] أي أنتم أو تبقى على بابها. قال