وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن عبد الوهاب) الحجبي قال: (حدّثنا يزيد بن زريع) مصغرًا قال: (أخبرنا عوف) بفتح العين آخره فاء ابن أبي حميد المعروف بالأعرابي (عن سعيد بن أبي الحسن) هو أخو الحسن البصري وأسنّ منه ومات قبله وليس له في البخاري موصولاً سوى هذا الحديث أنه (قال: كنت عند ابن عباس ﵄ إذ أتاه رجل) لم يسم (فقال: يا أبا عباس) هي كنية عبد الله بن عباس، وفي بعض الأصول يا ابن عباس (إني إنسان إنما معيشتي من صنعة يدي وإني أصنع هذه التصاوير فقال) له (ابن عباس لا أحدّثك إلا ما سمعت من رسول الله ﷺ سمعته يقول):
(من صوّر صورة فإن الله معذبه) بها (حتى ينفخ فيها) أي في الصورة (الروح وليس بنافخ فيها) الروح (أبدًا) فهو يعذب أبدًا (فربا الرجل) أصابه الربو وهو مرض يعلو منه النفس ويضيق الصدر أو ذعر وامتلأ خوفًا أو انتفخ (ربوة شديدة) بتثليث الراء (واصفر وجهه) بسبب ما عرض له (فقال) له ابن عباس (ويحك) كلمة ترحم كما أن ويلك كلمة عذاب (إن أبيت إلا أن تصنع) ما ذكرت من التصاوير (فعليك بهذا الشجر) ونحوه (كل شيء ليس فيه روح) لا بأس بتصويره وكل بالجر بدل كل من بعض كقوله:
نضر الله أعظمًا دفنوها … بسجستان طلحة الطلحات
أو بتقدير مضاف محذوف أي عليك بمثل الشجر أو واو العطف مقدّرة أي وكل شيء كما في التحيات الصلوات إذ معناه والصلوات، وكذا في صحيح مسلم فاصنع الشجر وما لا نفس له، ولأبي نعيم: فعليك بهذا الشجر وكل شيء ليس فيه روح بإثبات واو العطف بل وجدتها كذلك في أصل من البخاري مسموع على الشرف الميدومي عن الذكي المنذري، وهذا مذهب الجمهور. واستنبطه ابن عباس من قوله ﷺ: "فإن الله معذبه حتى ينفخ" فدلّ على أن المصور إنما يستحق هذا العذاب لكونه قد باشر تصوير حيوان يختص بالله ﷿ وتصوير جماد ليس في معنى ذلك لا بأس به وقوله: فعليك بهذا الشجر كل كذا في الفرع من غير واو وفي غيره بإثباتها.
(وقال أبو عبد الله) البخاري (سمع سعيد بن أبي عروبة من النضر بن أنس) بالضاد المعجمة (هذا) الحديث (الواحد) أشار بهذا إلى ما رواه في اللباس من طريق عبد الأعلى عن سعيد عن النضر عن ابن عباس بمعناه ويأتي ما بين الطريقين من التغاير هناك إن شاء الله تعالى.