شريح القاضي وأبو مالك وقتادة ومحمد بن إسحاق وغير واحد فيما قاله ابن كثير في تفسيره لما قالت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين قال لها أبوها: وما علمك بذلك؟ قالت: إنه رفع الصخرة التي لا يطيق حملها إلا عشرة رجال، ولما جئت معه تقدّمت أمامه فقال: كوني من ورائي فإذا اختلفت الطريق فاحذفي لي بحصاة أعلم بها كيف الطريق لأهتدي إليه (والخازن الأمين ومن لم يستعمل) من الأئمة (من أراده) أي لا يفوّض الأمر إلى الحريص على العمل لأنه لحرصه لا يؤمن، وهذان الجزءان من جملة الترجمة وقد ساق لكل منهما حديثًا.
وبه قال:(حدّثنا محمد بن يوسف) الفريابي قال: (حدّثنا سفيان) الثوري (عن أبي بردة) بضم الموحدة وسكون الراء بريد بن عبد الله أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (جدي أبو بردة) عامر على الأشهر (عن أبيه أبي موسى) عبد الله بن قيس (الأشعري ﵁) أنه (قال: قال النبي ﷺ):
(الخازن الأمين الذي يؤدي) يعطي (ما أمر به) بضم الهمزة على صيغة المجهول من الصدقة حال كونه (طيبة) بما يؤدّيه (نفسه) رفع بطيبة، ولأبي ذر: طيب نفسه برفعهما على أن طيب خبر مبتدأ محذوف ونفسه فاعله أو توكيد. وقال الكرماني: وفي بعضها طيب نفسه مضافًا إلى النفس وإنما انتصب حالاً والحال لا يكون معرفة لأن الإضافة لفظية فلا تقبل التعريف، وقوله الخازن مبتدأ خبره (أحد المتصدقين) بفتح القاف على التثنية ويجوز كسرها على الجمع وهما في الفرع وأصله.
واستشكل سياق هذا الحديث هنا من حيث أنه لا تعلق له بالإجارة المترجم بها. وأجاب السفاقسي: بأن الخازن لا شيء له في المال وإنما هو أجير، وقال الكرماني: أشار إلى أن خازن مال الغير كالأجير لصاحب المال، وقول ابن بطال: إنما أدخله لأن من استؤجر على شيء فهو أمين فيه ولا ضمان عليه فيه إن لم يفرط، وتبعه الزركشي في التنقيح، وتعقبه صاحب المصابيح بأن سقوط الضمان ليس منوطًا بالأمانة وإنما هو منوط بالائتمان حتى لو ائتمنه فوجده خائنًا لم يكن عليه ضمان والمسوق في الحديث هو من اتصف في الواقع بالأمانة فأنّى يؤخذ منه ما قاله فتأمله انتهى.
وهذا الحديث سبق في باب أجر الخادم إذا تصدق من كتاب الزكاة.