للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سعد هذيم فأُتي حمزة بمال ليصدقه فإذا رجل يقول لامرأته أدّي صدقة مال مولاك وإذا المرأة تقول له بل أنت فأدّ صدقة مال ابنك فسأل حمزة عن أمرهما وقولهما فأخبر أن ذلك الرجل زوج تلك المرأة وأنه وقع على جارية لها فولدت ولدًا فأعتقته المرأة ثم ورث من أمه مالاً فقالوا: هذا المال لابنه من جاريته. قال حمزة للرجل: لأرجمنّك بأحجارك فقيل له إن أمره رفع إلى عمر فجلده مائة ولم يرَ عليه رجمًا قال (فأخذ حمزة) (من الرجل كفيلاً) ولأبي ذر كفلاء بالجمع (حتى قدم على عمر وكان عمر) (قد جلده مائة جلدة) كما سبق وسقط قوله جلدة لأبوي ذر والوقت (فصدقهم) بالتشديد في الفرع وغيره من الأصول المعتمدة أي صدق القائلين بما قالوا (و) إنما درأ عمر عنه الرجم لأنه (عذره بالجهالة) وفي بعض الأصول فصدقهم بالتخفيف أي صدق الرجل القوم واعترف بما وقع منه لكن اعتذر بأنه لم يكن عالمًا بحرمة وطء جارية امرأته أو بأنها جاريتها لأنها التبست واشتبهت بجارية نفسه أو بزوجته ولعل اجتهاد عمر اقتضى أن يجلد بالحرمة وإلا فالواجب الرجم فإذا سقط بالعذر لم يجلد واستنبط من هذه القصة مشروعية الكفالة بالأبدان فإن حمزة صحابي وقد فعله ولم ينكره عليه عمر مع كثرة الصحابة حينئذٍ.

(وقال جرير) بفتح الجيم وكسر الراء ابن عبد الله البجلي (والأشعث) بن قيس الكندي الصحابي (لعبد الله بن مسعود في المرتدين) وهذا أيضًا مختصر من قصة أخرجها البيهقي بطولها من طريق أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب قال: صليت الغداة مع عبد الله بن مسعود فلما سلم قام رجل فأخبره أنه انتهى إلى مسجد بني حنيفة فسمع مؤذن عبد الله ابن النوّاحة يشهد أن مسيلمة رسول الله فقال عبد الله: عليّ بابن النواحة وأصحابه فجيء بهم فأمر قرظة بن كعب فضرب عنق ابن النواحة ثم استشار الناس في أولئك النفر فأشار عليه عديّ بن حاتم بقتلهم فقام جرير والأشعث فقالا: لا بل (استتبهم وكفلهم) أي ضمنهم وكانوا مائة وسبعين رجلاً كما رواه ابن أبي شيبة (فتابوا وكفلهم) ضمنهم (عشائرهم).

قال البيهقي في المعرفة: والذي روي عن ابن مسعود وجرير والأشعث في قصة ابن النوّاحة في استتابتهم وتكفيلهم عشائرهم كفالة بالبدن في غير مال. وقال ابن المنير: أخذ البخاري الكفالة بالأبدان في الدّيون من الكفالة بالأبدان في الحدود بطريق الأولى والكفالة بالنفس قال بها الجمهور ولم يختلف من قال بها أن المكفول بحد أو قصاص إذا غلب أو مات أن لا حدّ على الكفيل بخلاف الدين والفرق بينهما أن الكفيل إذا أدّى المال وجب له على صاحب المال مثله، وفرق الشافعية والحنفية بين كفالة من عليه عقوبة لآدمي كقصاص وحدّ قذف ومن عليه عقوبة لله فصححوها في الأولى لأنها حق لازم كالمال ولأن الحضور مستحق عليه دون الثانية لأن حقه تعالى مبني على الدرء. قال الأذرعي: ويشبه أن يكون محل المنع حيث لا يتحتم استيفاء العقوبة فإن تحتم وقلنا لا يسقط بالتوبة فيشبه أن يحكم بالصحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>