أبي ذر وأبي الوقت (ابن عبد الله) أي ابن أنس بن مالك الأنصاري البصري (عن) جدّه (أنس) أي ابن مالك ﵁(عن النبي ﷺ) أنه:
(كان إذا سلم) على أناس (سلم) عليهم (ثلاثًا) أي ثلاث مرات ويشبه أن يكون ذلك عند الاستئذان لحديث إذا استأذن أحدكم ثلاثًا ولم يؤذن له فليرجع، وعورض بأن تسليمة الاستئذان لا تثنى إذا حصل الإذن بالأولى، ولا تثلث إذا حصل بالثانية، نعم يحتمل أن يكون معناه أنه ﵊ كان إذا أتى على قوم سلم عليهم تسليمة الاستئذان، وإذا دخل سلم تسليمة التحية، ثم إذا قام من المجلس سلم تسليمة الوداع وكلٌّ سُنَّة. (وإذا تكلم)﵊(بكلمة) أي بجملة مفيدة من باب إطلاق اسم البعض على الكل (أعادها ثلاثًا) أي ثلاث مرات.
قال البدر الدماميني: لا يصح أن يكون أعاد مع بقائه على ظاهره عاملاً في ثلاثًا ضرورة أنه يستلزم قول تلك الكلمة أربع مرات، فإن الإعادة ثلاثًا إنما تتحقق بها إذ المرة الأولى لا إعادة فيها، فأما إن تضمن معنى قال ويصح عملها في ثلاثًا بالمعنى المضمن أو يبقى أعاد على معناه، ويجعل العامل محذوفًا أي أعادها فقالها وعليهما فلم تقع الإعادة إلا مرتين انتهى.
وبه قال (حدّثنا عبدة بن عبد الله) زاد في رواية الأصيلي الصفار وهو السابق وسقط عنده لفظة ابن عبد الله (قال حدّثنا عبد الصمد) بن عبد الوارث (قال حدّثنا عبد الله بن المثنى) الأنصاري (قال حدّثنا ثمامة بن عبد الله) وفي رواية الأصيلي وابن عساكر ثمامة بن أن فنسباه إلى جدّه وأسقطا اسم أبيه وإلا فاسم أبيه عبد الله (عن أنس)﵁(عن النبي ﷺ أنه كان إذا تكلم بكلمة أعادها) أي الكلمة المفسرة بالجملة المفيدة (ثلاثًا) أي ثلاث مرات وقد بيّن المراد بالتكرار في قوله (حتى تفهم عنه) بضم أوّله وفتح ثالثه أي لكي تعقل لأنه ﵊ مأمور بالإبلاغ والبيان وعبر بكان إذا تكلم ليشعر بالاستمرار لأن كان تدل على الثبات والاستمرار بخلاف صار فإنها تدل على الانتقال فلهذا يجوز أن يقال كان الله ولا يجوز صار (و) كان ﷺ(إذا أتى على قوم سلم عليهم سلم عليهم ثلاثًا) أي ثلاث مرات إذا شرط جوابه سلم لا فسلم بل هو عطف على أتى من بقية الشرط وقد سقط حديث عبدة الأول في رواية ابن عساكر وأبي ذر ولا يخفى الاستغناء