فيكون قوله فضل الزرع مرفوعًا على ما لا يخفى، وهذا ما في الفرع وأصله وفي فتح الباري، عن النسفيّ كالكشميهني باب فضل الزرع والغرس إذا أكل منه بسم الله الرحمن الرحيم. وزاد النسفيّ فقال: باب ما جاء في الحرث والمزارعة وفضل الزرع، ومثله للأصيلي وكريمة إلا أنهما حذفا لفظ كتاب المزارعة، وللمستملي: كتاب الحرث، وقدم الحموي البسملة وقال في الحرث بدل كتاب الحرث.
(وقوله تعالى) بالجرّ عطفًا على السابق، ولأبي ذر وقول الله تعالى بالرفع على الاستئناف:(﴿أفرأيتم ما تحرثون﴾) تبذرون حبه (﴿أأنتم تزرعونه﴾) تنبتونه (﴿أم نحن الزارعون﴾) المنبتون (﴿لو نشاء لجعلناه حطامًا﴾)[الواقعة: ١٦] هشيمًا وإنما نسب ﷾ الحرث إلينا والزرع إليه ﷻ، وإن كانت الأفعال كلها له سبحانه حرثًا وبذرًا وغير ذلك لأن المراد بالزرع هنا الإنبات لا البذر وذلك خصائص القدرة القديمة، ووجه الاستدلال بهذه الآية على إباحة الحرث أن الله تعالى امتنّ علينا بإنبات ما نحرثه فدلّ على أن الحرث جائز إذ لا يمتنّ بممنوع.
وبه قال:(حدّثنا قتيبة بن سعيد) قال: (حدّثنا أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري (ح) مهملة وينطق بها كذلك علامة لتحويل السند قال المؤلّف بالسند:
(وحدّثني عبد الرحمن بن المبارك) بن عبد الله العيشي بعين مهملة مفتوحة فتحتية ساكنة فشين معجمة منسوب إلى بني عائش قال: (حدّثنا أبو عوانة عن قتادة) بن دعامة (عن أنس) ولأبي ذر: أنس بن مالك (﵁) أنه (قال: قال رسول الله) ولأبي ذر: النبي (ﷺ):
(ما من مسلم يغرس غرسًا) بمعنى المغروس أي شجرًا (أو يزرع زرعًا) مزروعًا وأو للتنويع لأن الزرع غير الغرس (فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة) بالرفع اسم كان والتعبير بالمسلم يخرج الكافر فيختص الثواب في الآخرة بالمسلم دون الكافر لأن القرب إنما تصح من المسلم فإن تصدق الكافر أو فعل شيئًا من وجوه البر لم يكن له أجر في الآخرة. نعم ما أكل من زرع الكافر يثاب عليه في الدنيا كما ثبت دليله، وأما من قال يخفف عنه بذلك من عذاب الآخرة فيحتاج إلى دليل.