موسى الأشعري كما صرّح به في العتق وغيره (قال) أي أبو موسى، (قال رسول الله ﷺ ثلاثة) مبتدأ خبره جملة (لهم أجران) أوّلهم (رجل) وكذا امرأة (من أهل الكتاب) التوراة والإنجيل أو الإنجيل فقط على القول بأن النصرانية ناسخة لليهودية حال كونه قد (آمن بنبيه) موسى أو عيسى عليهما الصلاة والسلام مع إيمانه بمحمد ﷺ المنعوت في التوراة والإنجيل المأخوذ له الميثاق على سائر النبيين وأممهم (وآمن بمحمد ﷺ أي بأنه هو الموصوف في الكتابين، ويأتي إن شاء الله تعالى ما في ذلك من المباحث في باب فضل من أسلم من أهل الكتابين في كتاب الجهاد، (و) الثاني (العبد المملوك) أي جنس العبد المملوك (إذا أدّى حق الله) تعالى، أي كالصلاة والصوم (وحق مواليه) بسكون الياء جمع مولى لتحصل مقابلة الجمع في جنس العبيد بجمع المولى، أو ليدخل ما لو كان العبد مشتركًا بين موالي، والمراد من حقهم خدمتهم ووصف العبد بالمملوك لأن كل الناس عباد الله فميّزه بكونه مملوكًا للناس، (و) الثالث (رجل كانت عنده أمة) زاد في رواية الأربعة هـ س ط ص يطأها بالهمزة (فأدّبها) لتتخلق بالأخلاق الحميدة (فأحسن تأديبها) بلطف ورفق من غير عنف (وعلمها) ما يحب تعليمه من الدين (فأحسن تعليمها ثم أعتقها فتزوجها) بعد أن أصدقها (فله أجران) الضمير يرجع إلى الرجل الأخير، وإنما لم يقتصر على قوله لهم أجران مع كونه داخلاً في الثلاثة بحكم العطف لأن الجهة كانت فيه متعددة وهي التأديب والتعليم والعتق والتزوّج وكانت مظنة أن يستحق من الأجر أكثر من ذلك فأعاد قوله: فله أجران إشارة إلى أن المعتبر من الجهات أمران، وإنما اعتبر اثنين فقط لأن التأديب والتعليم يوجبان الأجر في الأجنبي والأولاد وجميع الناس فلم يكن مختصًّا بالإماء فلم يبق الاعتبار إلا في العتق والتزوج، وإنما ذكر الأخيرين لأن التأديب والتعليم أكمل للأجر إذ تزوّج المرأة المؤدبة المعلمة أكثر بركة وأقرب إلى أن تعين زوجها على دينه. وعطف بثم في العتق وفي السابق بالفاء لأن التأديب والتعليم ينفعان في الوطء بل لا بدّ منهما فيه، والعتق نقل من صنف إلى صنف ولا يخفى ما بين الصنفين من البعد بل من الضدّيّة في الأحكام والمنافاة في الأحوال، فناسب لفظًا دالاً على التراخي بخلاف التأديب وغيره مما ذكر.
فإن قلت: إذا لم يطأ الأمة لكن أدّبها هل له أجران؟ أجيب: بأن المراد تمكنه من وطئها شرعًا وإن لم يطأها انتهى.
وإنما عرف العبد ونكر رجل في الموضعين الأخيرين لأن المعرف بلام الجنس كالنكرة في المعنى، وكذا الإتيان في العبد بإذا دون القسم الأوّل لأنها ظرف وآمن حال وهي في حكم الظرف لأن معنى جاء زيد راكبًا في وقت الركوب وحاله إذ يقال في وجه المخالفة الإشعار بفائدة عظيمة، وهي أن الإيمان بنبيّه لا يفيد في الاستقبال الأجرين، بل لا بدّ من الإيمان في عهده حتى يستحق أجرين بخلاف العبد فإنه في زمان الاستقبال يستحق الأجرين أيضًا، فأتى بإذا التي للاستقبال قاله البرماوي كالكرماني، وتعقبه في الفتح فقال: هو غير مستقيم لأنه مشى فيه مع ظاهر اللفظ وليس متفقًا عليه بين الرواة بل هو عند المصنف وغيره مختلف، فقد عبّر في ترجمة عيسى بإذا في الثلاثة،