من العامل وجواب لو محذوف تقديره لكان خيرًا أو لو للتمني فلا تحتاج إلى جواب (فإنهم) أي رافع بن خديج وعمومته والثابت بن الضحاك وجابر بن عبد الله ومن روى منهم والفاء للتعليل (يزعمون أن النبي) أي يقولون أنه (ﷺ نهى عنه) أي عن الزرع على طريق المخابرة (قال) طاوس (أي عمرو) يعني يا عمرو (إني) ولأبي ذر: فإني (أعطيهم) بضم الهمزة من الإعطاء (وأغنيهم) بضم الهمزة وسكون الغين المعجمة من الإغناء وفي رواية وأعينهم بضم الهمزة وكسر العين المهملة وبعدها تحتية ساكنة من الإعانة كذا للمستملي والحموي كما في فتح الباري، وتبعه في عمدة القاري وكذا هي في الأصل المقروء على الميدومي، وصوّب الحافظ ابن حجر الثانية، ولأبي ذر عن الكشميهني كما في الفرع وأصله وأعينهم بضم الهمزة وسكون العين المهملة وكسر النون بعدها تحتية ساكنة فلينظر.
(وإن أعلمهم) أي الذين يزعمون أنه ﷺ نهى عن ذلك (أخبرني يعني ابن عباس ﵄ أن النبي ﷺ لم ينه عن) أي عن الزرع على طريق المخابرة ولا يقال هذا يعارض النهي عنه لأن النهي كان فيما يشترطون فيه شرطًا فاسدًا وعدمه فيما لم يكن كذلك أو المراد بالإثبات نهي التنزيه وبالنفي نهي التحريم، (ولكن قال)﵊:
(أن) بفتح الهمزة وسكون النون (يمنح أحدكم أخاه خير له) بفتح أول يمنح وآخره ولأبي ذر إن بكسر الهمزة وسكون النون يمنح بفتح أوله وسكون آخره وقول الحافظ ابن حجر: إن الأولى تعليلية والأخرى شرطية، تعقبه العيني فقال: ليس كذلك بل أن بفتح الهمزة مصدرية ولام الابتداء مقدّرة قبلها والمصدر المضاف إلى أحدكم مبتدأ خبره قوله خير له وقد جاء أن بالفتح بمعنى أن بالكسر الشرطية فحينئذ يمنح مجزوم به وجواب الشرط خير لكن فيه حذف تقديره فهو خير له وقول الزركشي وفي يمنح فتح النون وكسرها مع ضم أوله فإنه يقال منحته وأمنحته إذا أعطيته لم أقف عليه في شيء من نسخ البخاري كذلك والله أعلم.
وقد وقع في رواية الطحاوي: لأن يمنح أحدكم أخاه أرضه خير له (من أن يأخذ) أي من أخذه (عليه خرجًا معلومًا) أي أجرة معلومة.
ومناسبة هذا الحديث للباب السابق من جهة أن فيه للعامل جزءًا معلومًا وهنا لو ترك مالك الأرض هذا الجزء للعامل كان خيرًا له من أن يأخذه منه وفيه جواز أخذ الأجرة لأن الأولوية لا تنافي الجواز.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في المزارعة والهبة، ومسلم، وأبو داود في البيوع، والترمذي وابن ماجة في الأحكام، والنسائي في المزارعة.