الأسود يتيم عروة بن الزبير (عن عروة) بن الزبير بن العوّام (عن عائشة ﵂) عن النبي ﷺ أنه (قال):
(من أعمر أرضًا) بفتح الهمزة والميم من الثلاثي المزيد قال عياض كذا رواه أصحاب البخاري والصواب من عمر من الثلاثي قال الله تعالى: ﴿وعمروها أكثر مما عمروها﴾ [الروم: ٩] إلا أن يريد أنه جعل فيها عمارًا وقال ابن بطال: ويمكن أن يكون أصله من اعتمر أرضًا اتخذها وسقطت التاء من الأصل. قال في المصابيح: وهذا رد لاتفاق الرواة بمجرد احتمال يجوز أن يكون وأن لا يكون وأكثر ما يعتمد هو وغيره على مثل هذا وأنا لا أرضى لأحد أن يقع فيه انتهى.
وأجيب: بأن صاحب العين ذكر أنه يقال أعمرت الأرض أي وجدتها عامرة ويقال أعمر الله بك منزلك وعمر الله بك منزلك وعورض بأن الجوهري بعد أن ذكر عمر الله بك منزلك وعمر بك ذكر أنه يقال أعمر الرجل منزله بالألف. وقال الزركشي ضم الهمزة أجود من الفتح. قال في المصابيح: يفتقر ذلك إلى ثبوت رواية فيه وظاهر كلام القاضي أن جميع رواة البخاري على الفتح انتهى.
وقد ثبت في الفرع وأصله عن أبي ذر أعمر بضم الهمزة وسكون العين وكسر الميم أي أعمره غيره وكأن المراد بالغير الإمام والمعنى من أعمر أرضًا (ليست لأحد) بالإحياء (فهو أحق) وحذف متعلق أحق للعلم به وعند الإسماعيلى فهو أحق بها أي من غيره.
(قال عروة) بن الزبير بن العوّام بالإسناد المذكور إليه: (قضى به) أي بالحكم المذكور (عمر) بن الخطاب (﵁ في خلافته) وهذا مرسل لأن عروة ولد في خلافة عمر قاله خليفة وما سبق أول الباب عن عمر هو من قوله وهذا من فعله.
قال البيضاوي: مفهوم هذا الحديث أن مجرد التحجّر والإعلام لا يملك به بل لا بدّ من العمارة وهي تختلف باختلاف المقاصد انتهى.
فمن شرع في الإحياء لموات من حفر أساس وجمع تراب ونحوهما ولم يتمه أو نصب عليه علامة للإحياء كغرز خشبة فهو متحجر لا مالك لأن سبب الملك الإحياء ولم يوجد ولو تحجر فوق كفايته أو ما يعجز عن إحيائه فلغيره إحياء الزائد فإن تحجر ولم يعمر بلا عذر أمره الإمام بالإحياء أو يرفع يده عنه لأنه ضيق على الناس في حق مشترك فيمنع من ذلك وأمهله مدة قريبة يستعد فيها للعمارة بحسب ما يراه فإن مضت مدة المهلة ولم يعمر بطل حقه ولو بادر أجنبي فأحيا متحجر الآخر ملكه وإن لم يأذن له الإمام. وقال الحنفية: من حجر أرضًا ولم يعمرها ثلاث سنين دفعت إلى غيره لقول عمر ﵁ ليس لمتحجر بعد ثلاث سنين حق ولو أحياها غيره قبل انقضاء هذه المدة ملكها لأن الأول كان مستحقًا لها من جهة التعلق لا من جهة التملك كما في السوم على سوم غيره.