للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(لا يمنع) بضم أوّله مبنيًّا للمفعول (فضل الماء ليمنع) مبني للمفعول أيضًا (به الكلأ) بفتح الكاف والرفع العشب يابسه ورطبه واللام في ليمنع لام العاقبة كهي في قوله تعالى: ﴿فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوًّا وحزنًا﴾ [القصص: ٨] ومعنى الحديث أن من شقّ ماء بفلاة وكان حول ذلك الماء كلأ ليس حوله ماء غيره ولا يوصل إلى رعيه إلا إذا كانت المواشي ترد ذلك فنهى صاحب الماء أن يمنع فضل مائه لأنه إذا منعه منع رعي ذلك الكلأ والكلأ لا يمنع لما في منعه من الإضرار بالناس، ويلتحق به الرعاء إذا احتاجوا إلى الشرب لأنهم إذا منعوا من الشرب امتنعوا من الرعي هناك، والصحيح عند الشافعية وبه قال الحنفية الاختصاص بالماشية، وفرق الشافعي فيما حكاه المزني عنه بين المواشي والزروع بأن الماشية ذات أرواح يخشى من عطشها موتها بخلاف الزرع، وهذا محمول عند أكثر الفقهاء من أصحابنا وغيرهم على ماء البئر المحفورة في الملك أو في الموات بقصد التملك أو الارتفاق خاصة فالأولى وهي التي في ملكه أو في موات بقصد التملك ماؤها مملوك على الصحيح عند أصحابنا. ونص عليه الشافعي في القديم والثانية وهي المحفورة في موات الارتفاق لا يملك الحافر ماءها. نعم هو أولى به إلى أن يرتحل فإذا ارتحل صار كغيره ولو عاد بعد ذلك وفي كلا الحالين يجب عليه بذل ما يفضل عن حاجته والمراد بحاجته نفسه وعياله وماشيته وزرعه، لكن قال إمام الحرمين: وفي الزرع احتمال على بعد أما البئر المحفورة للمارة فماؤها مشترك بينهم والحافر كأحدهم ويجوز الاستقاء منها للشرب وسقي الزرع فإن ضاق عنهما فالشرب أولى وكذا المحفورة بلا قصد على أصح الوجهين عند أصحابنا، وأما المحرز في إناء فلا يجب بذل فضله على الصحيح لغير المضطر ويملك بالإحراز هذا كلام الشافعية، وكلام الحنفية والحنابلة في ذلك متقارب في الأصل والمدرك وإن اختلفت تفاصيلهم، وجعل المالكية هذا الحكم في البئر المحفورة في الموات وقالوا في المحفورة في الملك لا يجب عليه بذل فضلها وقالوا في المحفورة في الموات لا تباع وصاحبها وورثته أحق بكفايتهم، وهذا النهي للتحريم عند مالك والشافعي والأوزاعي والليث وقال غيرهم هو من باب المعروف.

ومطابقة هذا الحديث للترجمة من حيث إن فضل الماء يدل على أن صاحب الماء أحق به عند عدم الفضل، وأخرجه المؤلّف أيضًا في ترك الحيل ومسلم في البيوع والنسائي في إحياء الموات وأبو داود والترمذي وابن ماجة.

٢٣٥٤ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «لَا تَمْنَعُوا فَضْلَ الْمَاءِ لِتَمْنَعُوا بِهِ فَضْلَ الْكَلإِ».

وبه قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) هو يحيى بن عبد الله بن بكير قال: (حدّثنا الليث) ابن سعد الإمام (عن عقيل) بضم العين ابن خالد الأيلي (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن

<<  <  ج: ص:  >  >>