وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) هو ابن أنس الإمام الأعظم (عن سمي) بضم السين المهملة وفتح الميم وتشديد التحتية زاد في المظالم مولى أبي بكر أي ابن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام (عن أبي صالح) ذكوان السمان (عن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال):
(بينا) بغير ميم (رجل) لم يسم (يمشي) وللدارقطني في الموطآت من طريق روح عن مالك: يمشي بفلاة وله من طريق ابن وهب عن مالك يمشي بطريق مكة (فاشتد عليه العطش) أي إذا اشتد فالفاء هنا وقعت موضع إذا كما وقعت إذا موضعها في قوله: ﴿إذا هم يقنطون﴾ [الروم: ٣٦](فنزل بئرًا فشرب منها ثم خرج) من البئر (فإذا هو بكلب) حال كونه (يلهث) بفتح الهاء والشاء المثلثة أي يرتفع نفسه بين أضلاعه أو يخرج لسانه من العطش حال كونه (يأكل الثرى) بفتح المثلثة أي يكدم بفيه الأرض الندية (من العطش) وفي رواية الحموي والمستملي: من العطاش بضم العين كغراب. قال في القاموس: هو داء لا يروى صاحبه. وقال السفاقسي: داء يصيب الغنم تشرب فلا تروى، وهذا موضع ذكر هذه الرواية. وسها الحافظ ابن حجر فذكرها في فتح الباري، وتبعه العيني عند اشتداد العطش على الرجل وعبارته قوله: فاشتد عليه العطش كذا للأكثر وكذا هو في الموطأ، ووقع في رواية المستملي: العطاش. قال ابن التين: هو داء يصيب الغنم تشرب فلا تروى وهو غير مناسب هنا قال وقيل يصح على تقدير أن العطش يحدث عنه هذا الداء كالزكام.
قلت: وسياق الحديث يأباه فظاهره أن الرجل سقى الكلب حتى روي ولذلك جوزي بالمغفرة اهـ فتأمله.
(فقال) الرجل (لقد بلغ هذا) أي الكلب (مثل الذي بلغ بي) أي من شدّة العطش، وزاد ابن حبّان من وجه آخر عن أبي صالح: فرحمه، وقوله مثل بالرفع في فرع اليونينية والنسخة المقروءة على الميدومي وغيرهما مما وقفت عليه من الأصول المعتمدة. وحكاه ابن الملقن عن ضبط الحافظ الدمياطي على أنه فاعل بلغ. وقوله هذا مفعول به مقدّم، وقال الحافظ ابن حجر وتبعه العيني كالزركشي: مثل بالنصب نعت لمصدر محذوف أي بلغ مبلغًا مثل الذي بلغ بي. قال في المصابيح: وهذا لا يتعين لجواز أن يكون المحذوف مفعولاً به أي عطشًا.
وزاد أبو ذر هنا في روايته فنزل بئرًا (فملأ خفّه) ولابن حبان: فنزع إحدى خفّيه (ثم أمسكه بفيه) ليصعد من البئر لعسر المرتقى منها (ثم رقي) منها بفتح الراء وكسر القاف كصعد وزنًا ومعنى، ومقتضى كلام ابن التين أن الرواية رقى بفتح القاف وذلك أنه قال: ثم رقى كذا وقع وصوابه رقي على وزن علم ومعناه صعد. قال تعالى: ﴿أو ترقى في السماء﴾ [الإسراء: ٩٣] وأما رقى بفتح