بلا حاكم كخيار المسلم بانقطاع المسلم فيه والمكتري بانهدام الدار بجامع تعذّر استيفاء الحق ويشترط كون الردّ على الفور كالردّ بالعيب بجامع دفع الضرر، وفرّق المالكية بين الفلس والموت فهو أحق به في الفلس دون الموت فإنه فيه أسوة الغرماء لحديث أبي داود أنه ﷺ قال:"أيما رجل باع متاعًا فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض الذي باعه من الثمن شيئًا فوجد متاعه بعينه فهو أحق به فإن مات المشتري فصاحب المتاع أسوة الغرماء".
واحتجوا بأن الميت خربت ذمته فليس للغرماء محل يرجعون إليه فلو اختصّ البائع بسلعته عاد الضرر على بقية الغرماء لخراب ذمة الميت وذهابها بخلاف ذمة المفلس فإنها باقية.
ولنا: ما رواه إمامنا الشافعي من طريق عمرو بن خلدة قاضي المدينة عن أبي هريرة قال: قضى رسول الله ﷺ"أيما رجل مات أو أفلس فصاحب المتاع أحق بمتاعه إذا وجده بعينه" وهو حديث حسن يحتج بمثله. وأخرجه أيضًا أحمد وأبو داود وابن ماجة وصححه الحاكم والدارقطني، وزاد بعضهم في آخرها "إلا أن يترك صاحبه وفاء" فقد صرّح ابن خلدة بالتسوية بين الإفلاس والموت فتعين المصير إليه لأنها زيادة من ثقة. وخالف الحنفية الجمهور فقالوا: إذا وجد سلعته بعينها عند مفلس فهو كالغرماء لقوله تعالى: ﴿وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة﴾ فاستحق النظرة إلى ميسرة بالآية. وليس له الطلب قبلها ولأن العقد يوجب ملك الثمن للبائع في ذمة المشتري وهو الدين وذلك وصف في الذمة فلا يتصور قبضه، وحملوا حديث الباب على المغصوب والعواري والإجارة والرهن وما أشبهها فإن ذلك ماله بعينه فهو أحق به وليس المبيع مال البائع ولا متاعًا له وإنما هو مال المشتري إذ هو قد خرج عن ملكه وعن ضمانه بالبيع والقبض.
واستدلّ الطحاوي لذلك بحديث سمرة بن جندب أن رسول الله ﷺ قال:"من سرق له متاع أو ضاع له متاع فوجده في يد رجل بعينه فهو أحق به ويرجع المشتري على البائع بالثمن" ورواه الطبراني وابن ماجة.
ولنا: أنه وقع التنصيص في حديث الباب أنه في صورة البيع فروى سفيان الثوري في جامعه، وأخرجه من طريقه ابنا خزيمة وحبان عن يحيى بن سعيد بهذا الإسناد إذا ابتاع سلعة ثم أفلس وهي عنده بعينها فهو أحق بها من الغرماء. ولمسلم من رواية ابن أبي حسين عن أبي بكر بن محمد بسند حديث الباب أيضًا في الرجل الذي يعدم إذا وجد عنده المتاع ولم يفرقه أنه لصاحبه الذي باعه، فقد تبين أن حديث الباب وارد في صورة البيع وحينئذٍ فلا وجه للتخصيص بما ذكره الحنفية ولا خلاف أن صاحب الوديعة وما أشبهها أحق بها سواء وجدها عند مفلس أو غيره وقد شرط الإفلاس في الحديث. قال البيهقي: وهذه الرواية الصحيحة الصريحة في البيع أو السلعة تمنع من حمل الحكم فيها على الودائع والعواري والمغصوب مع تعليقه إياه في جميع الروايات بالإفلاس انتهى.