وبه قال:(حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع الحمصي قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (قال: حدّثني) بالإفراد (طلحة بن عبد الله) بن عوف ابن أخي عبد الرحمن بن عوف (أن عبد الرحمن بن عمرو بن سهل) القرشي وقيل الأنصاري المدني، وليس له في البخاري إلا هذا الحديث (أخبره أن سعيد بن زيد) القرشي أحد العشرة المبشرة بالجنة (﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول):
(من ظلم من الأرض شيئًا) قليلاً أو كثيرًا وفي رواية عروة في بدء الخلق: من أخذ شبرًا من الأرض ظلمًا، ولأحمد من حديث أبي هريرة: من أخذ من الأرض شبرًا بغير حقه (طوّقه) بضم الطاء المهملة وكسر الواو المشددة وبالقاف مبنيًّا للمفعول (من سبع أرضين) بفتح الراء وقد تسكن أي يوم القيامة قيل أراد طوق التكليف وهو أن يطوّق حملها يوم القيامة. ولأحمد والطبراني من حديث يعلى بن مرّة مرفوعًا:"من أخذ أرضًا بغير حقها كلّف أن يحمل ترابها إلى المحشر" وفي رواية للطبراني في الكبير "من ظلم من الأرض شبرًا كلف أن يحفره حتى يبلغ به الماء ثم يحمله إلى المحشر" وقيل إنه أراد أنه يخسف به الأرض فتصير الأرض المغصوبة في عنقه كالطوق ويعظم قدر عنقه حتى يسع ذلك كما جاء في غلظ جلد الكافر وعظم ضرسه. قال البغوي: وهذا أصح، ويؤيده حديث ابن عمر المسوق في هذا الباب ولفظه خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين.
وفي حديث ابن مسعود عند أحمد بإسناد حسن والطبراني في الكبير قلت: يا رسول الله أيّ الظلم أظلم؟ فقال:"ذراع من الأرض ينتقصها المرء المسلم من حق أخيه فليس حصاة من الأرض يأخذها إلا طوّقها يوم القيامة إلى قعر الأرض ولا يعلم قعرها إلاّ الله الذي خلقها" أو المراد بالتطوّق الإثم فيكون الظلم لازمًا في عنقه لزوم الإثم عنقه، ومنه قوله تعالى: ﴿ألزمناه طائره في عنقه﴾ [الإسراء: ١٣] وفي هذا تهديد عظيم للغاصب خصوصًا ما يفعله بعضهم من بناء المدارس والربط ونحوهما مما يظنون به القرب والذكر الجميل من غصب الأرض لذلك وغصب الآلات واستعمال العمال ظلمًا وعلى تقدير أن يعطى فإنما يعطى من المال الحرام الذي اكتسبه ظلمًا الذي لم يقل أحد بجواز أخذه ولا الكفّار على اختلاف مِللهم فيزداد هذا الظالم بإرادته الخير على زعمه من الله بعدًا أما سمع هذا الظالم قوله ﷺ: "من ظلم من الأرض شيئًا طوّقه من سبع أرضين" وقوله ﵊ فيما يروي عن ربه: "ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي العهد ثم غدر، ورجل باع حرًّا وأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه عمله ولم يعطه أجره" رواه البخاري.