(باب قصاص المظلوم) الذي أخذ ماله (إذا وجد مال ظالمه) الذي ظلمه هل يأخذ منه بقدر الذي له ولو بغير حكم حاكم وهي مسألة الظفر والمفتى به عند المالكية أنه يأخذ بقدر حقه إن أمن فتنة أو نسبة إلى رذيلة وهذا في الأموال وأما في العقوبات البدنية فلا يقتصّ فيها لنفسه وإن أمكنه لكثرة الغوائل. (وقال ابن سيرين) محمد مما وصله عبد بن حميد في تفسيره (يقاصّه) بتشديد الصاد المهملة أي يأخذ مثل ماله، (وقرأ) ابن سيرين (﴿وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به﴾)[النحل: ١٢٦] أي من غير زيادة ولا نقص.
وبه قال:(حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه (قال: حدّثني) بالإفراد (عروة) بن الزبير بن العوّام (أن عائشة ﵂ قالت: جاءت هند بنت عتبة بن ربيعة) أم معاوية أسلمت يوم الفتح وتوفيت في خلافة عمر ﵁(فقالت: يا رسول الله إن أبا سفيان) صخر بن حرب زوجها والد معاوية (رجل مسيك) بكسر الميم وتشديد السين المهملة في المشهور عند المحدثين، وفي كتب اللغة الفتح والتخفيف أي بخيل شديد المسك لما في يده (فهل عليّ حرج) إثم (أن أطعم) بضم الهمزة وكسر العين (من الذي له عيالنا؟ فقال)﵊:
(لا حرج) لا إثم (عليك أن تطعميهم) أي بإطعامك إياهم (بالمعروف) أي بقدر ما يتعارف أن يأكل العيال.
ومطابقة هذا الحديث للترجمة من جهة إذنه ﵊ لهند بالأخذ من مال زوجها أبي سفيان إذ فيه دلالة على جواز أخذ صاحب الحق من مال من لم يوفه أو جحده قدر حقه.
وهذا الحديث قد مرّ ويأتي إن شاء الله تعالى في النفقات وفيه فوائد، وقوله في شرح السُّنَّة: إن من فوائده أن القاضي له أن يقضي بعلمه لأنه ﵊ لم يكلفها البيّنة فيه نظر لأنه إنما كان فتوى لا حكمًا، وكذا استدلال جماعة به على جواز القضاء على الغائب لأن أبا سفيان كان حاضرًا بالبلد.