(عائشة وحفصة) هما المرأتان اللتان قال الله تعالى لهما: ﴿إن تتوبا إلى الله﴾.
(ثم استقبل عمر)﵁(الحديث) حال كونه (يسوقه فقال: إني كنت وجار لي من الأنصار) هو عتبان بن مالك بن عمرو العجلاني الخزرجي كما عن ابن بشكوال، والصحيح أنه أوس بن خولي بن عبد الله بن الحرث الأنصاري كما سماه ابن سعد من وجه آخر عن الزهري عن عروة عن عائشة في حديث ولفظه: فكان عمر مواخيًا أوس بن خولي لا يسمع شيئًا إلا حدّثه ولا يسمع عمر شيئًا إلا حدّثه فهذا هو المعتمد، ولا يلزم من كونه ﷺ آخى بين عتبان وعمر أن يتجاوزا. فالأخذ بالنص مقدّم على الأخذ بالاستنباط وقوله وجار بالرفع عطفًا على الضمير المرفوع المتصل الذي في كنت بدون فاصل على مذهب الكوفيين وهو قليل.
وفي رواية في باب التناوب في كتاب العلم كنت أنا وجار لي وهذا مذهب البصريين لأن عندهم لا يصح العطف بدون إظهار أنا حتى لا يلزم عطف الاسم على الفعل والكوفيون لا يشترطون ذلك وجوّز الزركشي والبرماوي النصب، وقال الكرماني إنه الصحيح عطفًا على الضمير في قوله "إني".
قال في المصبيح: لكن الشأن في الرواية وأيضًا فالظاهر أن قوله (في بني أمية بن زيد) بضم الهمزة خبر كان وجملة كان ومعموليها خبر إن فإذا جعلت جارًا معطوفًا على اسم إن لم يصح كون الجملة المذكورة خبرًا لها إلا بتكلف حذف لا داعي له انتهى.
وقوله في بني أمية في موضع جر صفة لسابقه أي وجار لي من الأنصار كائنين في بني أمية بن زيد (وهي) أي أمكنتهم (من عوالي المدينة) القرى التي بقربها وأدناها منها على أربعة أميال وأقصاها من جهة نجد ثمانية (وكنا نتناوب النزول على النبي ﷺ فينزل هو يومًا و) أنا (أنزل يومًا) والفاء تفسيرية للتناوب المذكور (فإذا نزلت جئته من خبر ذلك اليوم من الأمر) أي الوحي إذ اللام للأمر المعهود بينهم أو الأوامر الشرعية (وغيره) من الحوادث الكائنة عنده ﷺ(وإذا نزل) أي جاري (فعل مثله) أي مثل الذي أفعله معه من الأخبار بأمر الوحي وغيره (وكنا معشر قريش نغلب النساء) أي نحكم عليهن ولا يحكمن علينا (فلما قدمنا على الأنصار) أي المدينة (إذا هم) أي فاجأناهم (قوم) ولأبي ذر عن الكشميهني: إذ هم بسكون الذال قوم (تغلبهم نساؤهم) فليس لهم شدة وطأة عليهن (فطفق نساؤنا) أي أخذن (يأخذن من أدب نساء الأنصار) بالدال المهملة أي من سيرتهن وطريقتهن كذا وجدته في جميع ما وقفت عليه من الأصول المعتمدة، وقال الحافظ ابن حجر: إنه بالراء قال وهو العقل (فصحت على امرأتي) أي رفعت صوتي عليها (فراجعتني) ردّت عليّ الجواب (فأنكرت أن تراجعني) أي تراددني في القول (فقالت: ولم تنكر أن أراجعك فوالله إن أزواج النبي ﷺ ليراجعنه) بسكون العين (وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل) بجر الليل بحتى، وفي رواية عبيد بن حنين