- وبه قال:(حدّثنا علي بن عبد الله) المديني الإمام (قال: حدّثنا سفيان) بن عيينة (قال: حدّثنا عمرو) هو ابن دينار المكي الجمحي أحد الأئمة المجتهدين، المتوفى سنة ست وعشرين ومائة (قال: أخبرني) بالإفراد (وهب بن منبّه) بضم الميم وفتح النون وكسر الموحدة المشددة ابن كامل بن سيج بفتح السين المهملة، وقيل بكسرها وسكون المثناة التحتية في آخره جيم الصنعاني الأنباري الذماري بالمعجمة، المتوفى سنة أربع عشرة ومائة (عن أخيه) همام بن منبّه المتوفى سنة إحدى وثلاثين ومائة (قال: سمعت أبا هريرة) عبد الرحمن بن صخر ﵁(يقول):
(ما من أصحاب النبي ﷺ أحد) بالرفع اسم ما النافية (أكثر) بالنصب خبرها (حديثًا) بالنصب على التمييز (عنه)ﷺ(مني) وفي رواية أبي أكثر بالرفع صفة أحد كذا أعربه العيني والكرماني والزركشي، وتعقبه البدر الدماميني فقال قوله اسم ما يقتضي أنها عاملة وأحد الشروط متخلف وهو تأخير الخبر واغتفارهم لتقدّم الظرف دائمًا إنما هو إذا كان معمولاً للخبر لا خبرًا، وأما نصب أكثر فيحتمل أن يكون حالاً من الضمير المستكن في الظرف المتقدم على بحث فيه فتأمله. قال: والذي يظهر أن (ما) هذه مهملة غير عاملة عمل ليس، وأن أحد مبتدأ وأكثر صفته ومن أصحاب النبي ﷺ خبره اهـ.
(إلا ما كان من عبد الله بن عمرو) أي ابن العاص ﵄(فإنه كان يكتب و) أنا (لا أكتب) أي لكن الذي كان من عبد الله بن عمرو وهو الكتابة لم يكن مني والخبر محذوف بقرينة ما في الكلام سواء لزم منه كونه أكثر حديثًا لما تقتضيه عادة الملازمة مع الكتابة أم لا. ويجوز أن يكون الاستثناء متصلاً نظرًا إلى المعنى إذ حديثًا وقع تمييزًا، والتمييز كالمحكوم عليه فكأنه قال: ما أحد حديثه أكثر من حديثي إلا أحاديث حصلت من عبد الله، ويفهم منه جزم أبي هريرة ﵁ بأنه ليس في الصحابة أكثر حديثًا عن النبي ﷺ منه إلا عبد الله بن عمرو مع أن الموجود عن عبد الله بن عمرو أقل من الموجود المرويّ عن أبي هريرة بأضعاف لأنه سكن مصر، وكان الواردون إليها قليلاً بخلاف أبي هريرة فإنه استوطن المدينة وهي مقصد المسلمين من كل جهة، وروى عنه فيما قاله المؤلف نحو من ثمانمائة رجل، ورُوِيَ عنه من الحديث خمسة آلاف وثلاثمائة حديث ووجد لعبد الله سبعمائة حديث (تابعه) أي تابع وهب بن منبّه في روايته لهذا الحديث عن همام (معمر) هو ابن راشد (عن همام عن أبي هريرة) كما أخرجها عبد الرزاق عن معمر.