للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال إمامنا الشافعي: يشبه أن يكون المراد من رهن ذات در وظهر لم يمنع الراهن من درّها وظهرها فهي محلوبة ومركوبة له كما كانت قبل الرهن انتهى.

فيجوز للراهن انتفاع لا ينقص المرهون كركوب وسكنى واستخدام ولبس وإنزاء فحل لا ينقصانه وقال الحنفية ومالك وأحمد في رواية عنه: ليس للراهن ذلك لأنه ينافي حكم الرهن وهو الحبس الدائم، واحتج الطحاوي في شرح الآثار: بأن هذا الحديث مجمل لم يبين فيه من الذي يركب ويشرب اللبن فمن أين جاز لهم أن يجعلوه للراهن دون أنس يجعلوه للمرتهن إلا أن يعاونه دليل من كتاب أو سُنّة أو إجماع قال: ومع ذلك فقد روى هشيم هذا الحديث بلفظ: إذا كانت الدابة مرهونة فعلى المرتهن علفها وثمن الذي يشرب وعلى الذي يشرب نفقتها ويركب، فدلّ هذا الحديث أن المعنيّ بالركوب وشرب اللبن في الحديث الأوّل هو المرتهن لا الراهن فجعل ذلك له وجعلت النفقة عليه بدلاً مما يتعوض منه مما ذكرنا وكان هذا عندنا في الوقت الذي كان الربا مباحًا فلما حرم الربا حرمت أشكاله، وردت الأشياء المأخوذة إلى أبدالها المساوية لها وحرم بيع اللبن في الضرع فدخل في ذلك النهي عن النفقة التي يملك بها المنفق لبنًا في الضرع وتلك النفقة غير موقوف على مقدارها واللبن أيضًا كذلك فارتفع بنسخ الربا أن تجب النفقة على المرتهن بالمنافع التي تجب له عوضًا منها، وباللبن الذي يحتلبه ويشربه. وتعقب بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال والتاريخ في هذا متعذر والله أعلم.

٢٥١٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «الرَّهْنُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَلَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَعَلَى الَّذِى يَرْكَبُ وَيَشْرَبُ النَّفَقَةُ».

وبه قال: (حدّثنا محمد بن مقاتل) أبو الحسن الكسائي المروزي نزيل بغداد ثم مكة قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك قال: (أخبرنا زكريا) بن أبي زائدة (عن الشعبي) بفتح الشين المعجمة وسكون العين المهملة وكسر الموحدة عامر (عن أبي هريرة ) أنه (قال: قال: رسول الله ):

(الرهن) ولأبوي الوقت وذر قال: رسول الله : الظهر (يركب بنفقته إذا كان مرهونًا ولبن الدر) أي ذات الضرع (يشرب بنفقته إذا كان مرهونًا) أي يركبه الراهن ويشرب اللبن لأن له رقبتها أو المراد المرتهن وهذا الأخير قول أحمد كما مرّ في السابق، واحتج له في المغني بأن نفقة الحيوان واجبة وللمرتهن فيه حق وقد أمكنه استيفاء حقه من نماء الرهن والنيابة عن المالك فيما وجب عليه واستيفاء ذلك من منافعه فجاز ذلك كما يجوز للمرأة أخذ مؤونتها من مال زوجها عند امتناعه بغير إذنه (وعلى الذي يركب) الظهر (ويشرب) لبن الدارّة (النفقة) عليها وكذا مؤونة المرهون غيرهما التي يبقى بها كنفقة العبد ويبقى الأشجار والكروم وتجفيف الثمار وأجرة الإصطبل والبيت الذي يحفظ فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>