النسائي وابن حبّان من طريق سليمان بن موسى عن نافع عن ابن عمر: من أعتق عبدًا وله فيه شركاء وله وفاء فهو حرّ ويضمن نصيب شركائه بقيمته، وللطحاوي نحوه، ومشهور مذهب المالكية أنه لا يعتق إلا بدفع القيمة فلو أعتق الشريك قبل أخذ القيمة نفذ عتقه واستدلّ لهم بقوله في رواية سالم المذكور أول الباب: فإن كان موسرًا قوّم عليه ثم عتق.
وأجيب: بأنه لا يلزم من ترتيب العتق على التقويم ترتيبه على أداء القيمة فإن التقويم يفيد معرفة القيمة وأما الدفع فقدر زائد على ذلك، وأما رواية مالك فأعطى شركاءه حصصهم وعتق عليه العبد فلا يقتضي ترتيبًا لسياقها بالواو، ولا فرق بين أن يكون العبد والمعتق والشريك مسلمين أو كفارًا أو بعضهم مسلمين وبعضهم كفارًا ولا خيار للشريك في ذلك ولا للعبد ولا للمعتق بل ينفذ الحكم، وإن كرهوا كلهم مراعاة لحق الله تعالى في الحرية، وهذا مذهب الشافعية. وعند الحنابلة وجهان فيما لو أعتق الكافر شركًا له في عبد مسلم هل يسري عليه أم لا؟ وقال المالكية إن كانوا كفارًا فلا سراية وإن كان المعتق كافرًا دون شريكه فهل يسري عليه أم لا؟ أم يسري فيما إذا كان العبد مسلمًا دون ما إذا كان كافرًا؟ ثلاثة أقوال وإن كانا كافرين والعبد مسلمًا فروايتان وإن كان المعتق مسلمًا سرى عليه بكل حال.
(قال نافع) مولى ابن عمر (وإلا) أي وإن لم يكن له مال (فقد عتق منه ما عتق) بفتح العين والتاء فيهما وهو نصيبه ونصيب الشريك رقيق لا يكلف إعتاقه ولا يستسعي العبد في فكّه ولأبي ذر أعتق بضم الهمزة في الأول وكسر التاء مبنيًّا للمفعول وفتحها في الثاني وإسقاط منه.
(قال أيوب) السختياني (لا أدري أشيء) أي حكم المعسر (قاله نافع) من قبله فيكون منقطعًا موقوفًا (أو شيء في الحديث) فيكون موصولاً مرفوعًا، وقد وافق أيوب على الشك فى رفع هذه الزيادة يحيى بن سعيد عن نافع فيما رواه مسلم والنسائي ولم يختلف عن مالك في وصلها ولا عن عبيد الله بن عمر، لكن اختلف عليه في إثباتها وحذفها والذين أثبتوها حفاظ فإثباتها عند عبيد الله مقدّم وقد رجح الأئمة رواية من أثبت هذه الزيادة مرفوعة. قال إمامنا الشافعي ﵁: لا أحسب عالمًا بالحديث يشك في أن مالكًا أحفظ لحديث نافع من أيوب لأنه كان ألزم له منه حتى لو استويا فشك أحدهما في شيء لم يشك فيه صاحبه كانت الحجة مع من لم يشك، ويقوي ذلك قول عثمان الدارمي قلت لابن معين مالك في نافع أحب إليك أو أيوب؟ قال مالك ومن جزم حجة على من تردد وزاد فيه بعضهم كما قاله الشافعي ﵁ فيما نقله عنه البيهقي في المعرفة ورقّ منه
ما رقّ، ووقعت هذه الزيادة عند الدارقطني وغيره من طريق إسماعيل بن أمية وغيره عن نافع عن ابن عمر بلفظ ورقّ منه ما بقي واستدلّ بذلك على ترك الاستسعاء، لكن في إسناده إسماعيل بن مرزوق الكعبي وليس بالمشهور عن يحيى بن أيوب وفي حفظه شيء.