(هو) أي عبد الرحمن (لك) أخ إما بالاستلحاق وإما من القضاء بعلمه لأن زمعة كان صهره ﷺ فألحق ولده به لما علمه من فراشه (يا عبد بن زمعة) بضم الدال على الأصل ونصب ابن (من أجل أنه ولد على فراش أبيه) زمعة. (قال رسول الله ﷺ: احتجبي منه يا سودة بنت زمعة) بضم سودة ونصبها على الوجهين المشهورين في مثل يا زيد بن عمرو ذلك أن توابع المبني المفرد من التأكيد والصفة وعطف البيان ترفع على لفظه وتنصب على محله بيانه أن لفظ سودة وعبد في يا عبد منادى مبني على الضم، فإذا أكد أو اتّصف أو عطف عليه يجوز فيه الوجهان، وأما بنت زمعة فالنصب لا غير لأنه مضاف إضافة معنوية وما كان كذلك من توابع المنادى وجب نصبه، وأما قول الزركشي يجوز رفع بنت فقال في المصابيح: هو خطأ منه أو من الناسخ، والأمر هنا للندب والاحتياط عند الشافعية والمالكية والحنابلة، وإلاّ فقد ثبت نسبه وأخوته لها في ظاهر الشرع قيل: يحتمل أن يكون قوله هو لك أي ملكًا لأنه ابن وليدة أبيك من غيره لأن زمعة لم يقرّ به فلم يبق إلا أنه عبد تبعًا لأمه، ولذا أمرها بالاحتجاب منه، وهذا يردّه قوله في رواية البخاري في المغازي هو لك فهو أخوك يا عبد، وإذا ثبت أنه أخو عبد لأبيه فهو أخو سودة لأبيها وإنما أمرها بالاحتجاب. (مما رأى من شبهه بعتبة وكانت سودة زوج النبي ﷺ). قال إمامنا الشافعي ﵀: رؤية ابن زمعة لسودة مباحة لكنه كرهه للشبهة وأمرها بالتنزّه عنه اختيارًا انتهى.
وقد استشكل الحديث من جهة خروجه عن الأصول المجمع عليها وذلك أن الاتفاق على أنه لا يدعى أحد عن أحد إلا بتوكيل من المدعى له، فكيف ادّعى سعد وليس وكيلاً عن أخيه عتبة، وادّعى عبد بن زمعة على أبيه ولدًا بقوله أخي ابن وليدة أبي ولم يأتِ ببينة تشهد على إقرار أبيه زمعة بذلك ولا تجوز دعواه على أمة.
وأجيب: باحتمال أن يكون حكمًا مستوفيًا الشروط ولم تستوعب الرواة القصة، وقد سبق أن عتبة عهد إلى أخيه سعد أن ابن وليدة زمعة مني فاقبضه إليك وإذا كان وصيّ أخيه فهو أحق بكفالة ابن أخيه وحفظ نسبه فتصحّ دعواه بذلك وكذا دعوى عبد بن زمعة المخاصمة في أخيه فإنه كافله وعاصبه إن كان حرًّا ومالكه إن كان عبدًا فلا يحتاج إلى إثبات وكالة ولا وصية لأن كلاًّ منهما يطلب الحضانة وهي حقه إذ أحدهما في دعواه عمّ والآخر أخ، وغرض المؤلّف من الحديث قول عبد بن زمعة أخي ابن وليدة زمعة ولد على فراشه وحكمه ﷺ لابن زمعة بأنه أخوه فإن فيه ثبوت أمية الأمة لكن ليس فيه تعريض لحريتها ولا لإرقاقها، لكن قال الكرماني: أنه رأى في بعض النسخ في آخر الباب ما نصه فسمى النبي ﷺ أم وليدة زمعة أمة ووليدة فدلّ على أنها لم تكن عتيقة اهـ.
وحينئذٍ فهو ميل من المؤلّف إلى أنها لا تعتق بموت السيد؟ وأجيب: بأن عتق أم الولد بموت السيد ثبت بأدلة أخرى وقيل غرض البخاري بإيراده أن بعض الحنفية لما التزم أن أم الولد المتنازع فيه كانت حرة ردّ ذلك وقال بل كانت عتقت، وكأنه قال: قد ورد في بعض طرقه أنها أمة فمن ادّعى