للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثالثها: ما تفرد بعض الرواة بزيادة فيه دون من هو أكثر عددًا أو أضبط ممن لم يذكرها، فهذا لا يؤثر التعليل به إلا إن كانت الزيادة منافية بحيث يتعذر الجمع، أما إذا كانت الزيادة لا منافاة فيها بحيث تكون كالحديث المستقل فلا نعم إن صح بالدلائل أن تلك الزيادة مدرجة من كلام بعض رواته فيؤثر ذلك.

رابعها: ما تفرّد به بعض الرواة ممن ضعف منهم، وليس في البخاري من ذلك غير حديثين، وقد توبعا أحدهما حديث أُبي بن عباس بن سهل بن سعد عن أبيه عن جدّه قال: كان للنبي فرس يقال له اللخيف. قال الدارقطني هذا ضعيف انتهى. وهو ابن سعد الساعدي الأنصاري الذي ضعفه أحمد وابن معين، وقال النسائي ليس بالقوي، لكن تابعه عليه أخوه عبد المهيمن بن عباس وروى له الترمذي وابن ماجة، وثانيهما في الجهاد من البخاري في باب: إذا أسلم قوم في دار الحرب. حديث إسماعيل بن أبي أويس عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه، أن عمر استعمل مولى له يسمى هنيًا على الحمى الحديث بطوله، قال الدارقطني إسماعيل ضعيف. قال الحافظ ابن حجر أظن أن الدارقطني إنما ذكر هذا الموضع من حديث إسماعيل خاصة وأعرض عن الكثير من حديثه عند البخاري، لكون غيره شاركه في تلك الأحاديث وتفرد بهذا، فإن كان كذلك فلم ينفرد بل تابعه عليه معن بن عيسى فرواه عن مالك كرواية إسماعيل سواء.

خامسها: ما حكم فيه بالوهم على بعض رواته فمنه ما يؤثر ومنه ما لا يؤثر.

سادسها: ما اختلف فيه بتغيير بعض ألفاظ المتن، فهذا لا يترتب عليه قدح لإمكان الجمع في المختلف من ذلك أو الترجيح، كحديث جابر في قصة الجمل وحديثه في وفاء دين أبيه، وحديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين. وربما يقع التنبيه على شيء من هذه الأقسام في موضعه من هذا الشرح بتوفيق الله تعالى ومعونته. والذي في البخاري من هذه الأقسام مائة حديث وعشرة أحاديث شاركه في كثير منها مسلم لا نطيل بسردها، وأما الجواب عمن طعن فيه من رجال البخاري فليعلم أن تخريج صاحب الصحيح لأيّ راوٍ كان مقتضٍ لعدالته عنده وصحة ضبطه وعدم غفلته مع ما انضاف لذلك من إطباق جمهور الأمة على تسمية الكتابين بالصحيحين، وهذا معنى لم يحصل لغير من خرج عنه في الصحيحين، فهو بمثابة إطباق الجمهور على تعديل من ذكر فيهما، ولا يقبل الطعن في أحد من رواتهما إلا بقادح واضح، لأن أسباب القدح كما مرّ مختلفة، ومداره هنا على خمسة: البدعة أو المخالفة أو الغلط أو جهالة الحال أو دعوى الانقطاع بالسند بأن يدعي في راويه أنه كان يدلس ويرسل.

فأما البدعة فالموصوف بها إن كان غير داعية قبل وإلاّ فلا، وقال ابن دقيق العيد إن وافق غير الداعية غيره فلا يلتفت إليه إخمادًا لبدعته وإطفاء لناره، وإن لم يوافقه أحد، ولم يوجد ذلك الحديث إلا عنده مع كونه صادقًا متحررًا عن الكذب مشهورًا بالتدين، وعدم تعلق ذلك الحديث ببدعته، فينبغي أن تقدم مصلحة تحصيل ذلك الحديث ونشر تلك السنة على مصلحة إهانته.

<<  <  ج: ص:  >  >>