وبالسند السابق إلى المؤلف قال:(حدّثنا سعيد بن عفير) بضم العين المهملة وفتح الفاء (قال: حدّثني) بالإفراد وللأصيلي حدّثنا (الليث) بن سعد عالم مصر (قال: حدّثني) بالإفراد (عبد الرحمن بن خالد) زاد في رواية أبي ذر ابن مسافر أي الفهمي مولى الليث بن سعد أمير مصر لهشام بن عبد الملك، المتوفى سنة سبع وعشرين ومائة، وفي رواية حدّثني الليث حدّثه عبد الرحمن أي أنه حدّثه عبد الرحمن (عن ابن شهاب) الزهري (عن سالم) أي ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب (وأبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة) بفتح الحاء المهملة وسكون المثلثة، ولم يخرج له المؤلف سوى هذا الحديث مقرونًا بسالم.
(أن عبد الله بن عمر) بن الخطاب ﵄(قال: صلّى بنا النبي) وفي رواية الأربعة لنا باللام بدل الباء يعني إمامًا لنا، وإلاّ فالصلاة لله لا لهم، وفي رواية أبي ذر عن الكشميهني رسول الله بدل قوله النبي (ﷺ العشاء) بكسر العين والمد أي صلاة العشاء (في آخر حياته) قبل موته ﵊ بشهر، (فلما سلَّم) من الصلاة (قام فقال: أرأيتكم) أي أخبروني وهو من إطلاق السبب على المسبب لأن مشاهدة هذه الأشياء طريق إلى الإخبار عنها والهمزة فيه مقررة أي قد رأيتم ذلك فأخبروني (ليلتكم) أي شأن ليلتكم أو خبر ليلتكم (هذه) هل تدرون ما يحدث بعدها من الأمور العجيبة، وتاء أرأيتكم فاعل والكاف حرف خطاب لا محل لها من الإعراب ولا تستعمل إلا في الاستخبار عن حالة عجيبة، وليلتكم نصب مفعول ثانٍ لأخبروني، (فإن رأس) وللأصيلي فإن على رأس (مائة سنة منها) أي من تلك الليلة (لا يبقى ممّن هو على ظهر الأرض أحد) ممن ترونه أو تعرفونه عند مجيئه، أو المراد أرضه التي بها نشأ ومنها بعث كجزيرة العرب المشتملة على الحجاز وتهامة ونجد فهو على حدّ قوله تعالى: ﴿أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ﴾ [المائدة: ٣٣] أي بعض الأرض التي صدرت الجناية فيها، فليست أل للاستغراق، وبهذا يندفع قول من استدل بهذا الحديث على موت الخضر ﵇ كالمؤلف وغيره، إذ يحتمل أن يكون الخضر في غير هذه الأرض المعهودة، ولئن سلمنا أن أل للاستغراق فقوله أحد عموم يحتمل إذ على وجه الأرض الجنّ والإنس والعمومات يدخلها التخصيص بأدنى قرينة، وإذا احتمل الكلام وجوهًا سقط به الاستدلال قاله الشيخ قطب الدين القسطلاني. وقال النووي: المراد أن كل من كان تلك الليلة على الأرض لا يعيش بعدها أكثر من مائة سنة سواء قلّ عمره قبل ذلك أم لا، وليس فيه نفي حياة أحد يولد بعد تلك الليلة مائة سنة.