عروة (عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوّام (عن عائشة ﵂) أنها (قالت: جاءت بريرة فقالت إني كاتبت أهلي على تسع أواق) وفي نسخة في اليونينية أوقية (في كل عام وقية) ولأبي ذر أوقية بزيادة همزة مضمومة قبل الواو وهي أربعون درهمًا (فأعينيني) بصيغة الأمر للمؤنث من الإعانة أي على مال كتابتي ولأبي ذر عن الكشميهني فأعيتني بصيغة الخبر الماضي من الإعياء أي أعجزتني الأواقي عن تحصيلها (فقالت عائشة) لبريرة: (إن أحب أهلك أن أعدها) أي الأواقي (لهم عدة واحدة وأعتقك) نصب عطفًا على أن أعدّها (فعلت ويكون) بالنصب أيضًا ولأبي ذر فيكون بالفاء (ولاؤك لي فذهبت إلى أهلها فأبوا ذلك عليها) فجاءت إلى عائشة (فقالت: إني عرضت ذلك عليهم فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم) أي إلا بأن فحذف منه حرف الجر أي بشرط ذلك والاستثناء مفرغ لأن في أبى معنى النفي قال الزمخشري في قوله تعالى: ﴿ويأبى الله إلا أن يتم نوره﴾ قد أجرى أبي مجرى لم يرد ألا ترى كيف قوبل ﴿يريدون أن يطفئوا نور الله﴾ [التوبة: ٣٢] بقوله ﴿ويأبى الله إلا أن يتم نوره﴾ [التوبة: ٣٢] فقوله: ﴿ويأبى الله﴾ واقع موقع لم يرد قالت عائشة: (فسمع بذلك رسول الله ﷺ، فسألني فأخبرته فقال):
(خذيها) اشتريها (فأعتقيها) بهمزة قطع (واشترطي لهم الولاء فإنما الولاء لمن أعتق) ولأبي ذر: فإن الولاء. واستشكل قوله واشترطي لهم الولاء لأنه يفسد البيع ومتضمن للخداع والتغرير، وكيف أذن لأهله بما لا يصح ومن ثم أنكر يحيى بن أكثم فيما رواه الخطابي عنه ذلك، وعن الشافعي في الأم الإشارة إلى تضعيف رواية هشام المصرّحة بالاشتراط لكونه انفرد بها دون أصحاب أبيه.
وقال في المعرفة فيما قرأته فيها حديث يحيى عن عمرة عن عائشة أثبت من حديث هشام، وأحسبه غلط في قوله واشترطي لهم الولاء، وأحسب حديث عمرة أن عائشة شرطت لهم الولاء بغير أمر النبي ﷺ وهي ترى ذلك يجوز فأعلمها رسول الله ﷺ أنها إن أعتقتها فالولاء لها. وقال: لا يمنعك عنها ما تقدم من شرطك ولا أرى أنه أمرها أن تشترط لهم ما لا يجوز ثم قال بعد سياقه لحديث نافع عن ابن عمر السابق في الباب الذي قبل هذا ولعل هشامًا أو عروة حين سمع أن النبي ﷺ قال: "لا يمنعك ذلك" رأى أنه أمرها أن تشترط لهم الولاء فلم يقف من حفظه على ما وقف عليه ابن عمر انتهى.
وقد أثبت رواية هشام جماعة وقالوا هشام ثقة حافظ والحديث متفق على صحته فلا وجه لردّه، واختلفوا في تأويلها فقيل لهم بمعنى عليهم كقوله تعالى: ﴿لهم اللَّعنة﴾ [الرعد: ٢٥] أي عليهم، وهذا رواه البيهقي في المعرفة من طريق أبي حاتم الرازي عن حرملة عن الشافعي، وقال النووي تأويل اللام بمعنى على هنا ضعيف لأنه ﵊ أنكر الاشتراط، ولو كانت بمعنى على لم ينكره، وقيل الأمر هنا للإباحة وهو على جهة التنبيه على أن ذلك لا ينفعهم فوجوده وعدمه سواء فكأنه يقول: اشترطي أو لا تشترطي فذلك لا يفيدهم، وقال النووي: أقوى الأجوبة