للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأجيب: بأن الهدي وإن كان من الهدية لكنهم توسعوا فيه بتخصيصه بالإهداء إلى فقراء الحرم وبتعميمه في المنقول وغيره ولهذا لو نذر الهدي انصرف إلى الحرم ولم يحمل على الهدية إلى فقير، وأما الصدقة فهي تمليك ما يعطى بلا عوض للمحتاج لثواب الآخرة، وأما الهبة فهي تمليك بلا عوض خالٍ عما ذكر في الصدقة والهدية بإيجاب وقبول لفظًا بأن يقول نحو وهبت لك هذا فيقول قبلت، ولا يشترطان في الهدية على الصحيح بل يكفي البعث من هذا والقبض من ذاك وكلٌّ من الصدقة والهدية هبة ولا عكس فلو حلف لا يهب له فتصدّق عليه أو أهدى له حنث والاسم عند الإطلاق ينصرف إلى الأخير واستعمل المؤلّف المعنى الأعم فإنه أدخل فيها الهدايا.

٢٥٦٦ - حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ، لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ».

[الحديث ٢٥٦٦ - طرفه في: ٦٠١٧].

وبه قال: (حدّثنا عاصم بن علي) أبو الحسين الواسطي مولى قريبة بنت محمد بن أبي بكر الصدّيق قال: (حدّثنا ابن أبي ذئب) هو محمد بن عبد الرحمن بن الحرث بن أبي ذئب (عن المقبري) سعيد (عن أبيه) كيسان بفتح الكاف وسقط قوله عن أبيه في رواية الأصيلي وابن عساكر وكريمة.

قال في الفتح: وضبب عليه في رواية النسفيّ والصواب إثباته (عن أبي هريرة عن النبي ) أنه (قال):

(يا نساء المسلمات) بضم الهمزة منادى مفرد معرّف بالإقبال عليه والمسلمات صفة له فيرفع على اللفظ وينصب على المحل ويجوز فتح الهمزة على أنه منادى مضاف، والمسلمات حينئذٍ صفة لموصوف محذوف تقديره يا نساء الطوائف أو نساء النفوس المسلمات فيخرج حينئذٍ عن إضافة الموصوف إلى الصفة، وأنكر ابن عبد البر رواية الإضافة وردّه ابن السيد بأنها قد صحت نقلاً وساعدتها اللغة فلا معنى للإنكار، وفي النسخة المقروءة على الميدومي: يا نساء المؤمنات، ورواه الطبراني من حديث عائشة بلفظ يا نساء المؤمنين (لا تحقرن جارة) هدية مهداة (لجارتها) ولأبي ذر: لجارة (ولو) أنها تهدي (فرسن شاة) بفاء مكسورة فراء ساكنة فسين مهملة مكسورة عظم قليل اللحم وهو للبعير موضع الحافر من الفرس ويطلق على الشاة مجازًا، وأشير بذلك إلى المبالغة في إهداء الشيء اليسير وقبوله لا إلى حقيقة الفرسن لأنه لم تجر العادة بإهدائه أي لا تمنع جارة من الهدية لجارتها الموجود عندها لاستقلاله، بل ينبغي أن تجود لها بما تيسر وإن كان قليلاً فهو خير من العدم وإذا تواصل القليل صار كثيرًا وفي حديث عائشة المذكور يا نساء المؤمنين تهادوا ولو فرسن شاة فإنه يثبت المودة ويذهب الضغائن.

وحديث الباب أخرجه مسلم أيضًا، وأخرجه الترمذي من طريق أبي معشر عن سعيد عن أبي هريرة ولم يقل عن أبيه، وزاد في أوله تهادوا فإن الهدية تذهب وحر الصدر الحديث. وقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>