وبه قال:(حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة قال (حدّثنا أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة ﵁ أن رسول ﷺ قال):
(هاجر إبراهيم) الخليل ﷺ(بسارّة) زوجته فدخل قرية فيها جبار من الجبابرة فقيل إن هاهنا رجلاً معه امرأة من أحسن الناس فأرسل إليها، فلما دخلت عليه ذهب يتناولها بيده فأخذ فقال: ادعي الله لي ولا أضرّك فدعت الله فأطلق بعض حجبته (فأعطوها آجر) بهمزة بدل الهاء وفتح الجيم (فرجعت) سارّة إلى الخليل (فقالت) له (أشعرت أن الله)﷿(كبت الكافر) أي صرفه وأذلّه (وأخدم) أي الكافر (وليدة) جارية أي وهبها لأجل الخدمة.
(وقال ابن سيرين) محمد مما هو موصول في أحاديث الأنبياء (عن أبي هريرة)﵁(عن النبي ﷺ)(فأخدمها هاجر) غرض المؤلّف أن لفظ الإخدام للتمليك وكذلك الكسوة، لكن قال ابن بطال: استدلاله بقوله فأخدمها هاجر على الهبة لا يصح، وإنما صحّت الهبة في هذه القصة من قوله فأعطوها هاجر.
قال في فتح الباري: مراد البخاري أنه إن وجدت قرينة تدل على العرف حمل عليها فإن كان جرى بين قوم عرف في تنزيل الإخدام منزلة الهبة فأطلقه شخص وقصد التمليك نفذ، ومن قال هي عارية في كل حال فقد خالف والله أعلم.
وهذا الحديث قد مرّ بتمامه في البيع في باب شراء المملوك من الحربي وساق هنا قطعة منه.
وهاهنا فروع لو أعطى إنسان آخر دراهم وقال: اشترِ لك بها عمامة أو ادخل بها الحمام أو نحو ذلك تعينت لذلك مراعاة لغرض الدافع هذا إن قصد ستر رأسه بالعمامة وتنظيفه بدخول الحمام لما رأى به من كشف الرأس وشعث البدن ووسخه، وإن لم يقصد ذلك بل قاله على سبيل التبسّط المعتاد فلا يتعيّن ذلك بل يملكها ويتصرف فيها كيف شاء وكذا لو طلب الشاهد من المشهود له مركوبًا ليركبه في أداء الشهادة فأعطاه أجرة المركوب فيأتي فيها التفصيل السابق، لكن قال الأسنوي:
والصحيح أن له صرفها إلى جهة أخرى كما ذكروه في بابه، والفرق أن الشاهد يستحق أجرة المركوب فله التصرف فيها كيف شاء والمذكور أولاً من باب الصدقة والبرّ فروعِيَ فيه غرض الدافع، وإن أعطاه كفنًا لأبيه فكفّنه في غيره فعليه ردّه له إن كان قصد التبرّك بأبيه وما يحصله خادم الصوفية